لندن –
- قالت صحيفة "اندبندنت اون صاندي" اليوم
الاحد ان ادلة جديدة ظهرت تفيد بأن المخابرات العسكرية البريطانية أدارت
عملية سرية في العراق تسمح بإهانة وإساءة معاملة الأسرى العراقيين. وكشفت
الوثائق عن ان الأسرى غطيت رؤوسهم لفترات طويلة في الحر الشديد وحرموا من
النوم على ايدي ضباط المخابرات. كما كشفت ايضا عن أن الضباط الذين اشرفوا
على العملية ادعوا بأنهم يتبعون "للقيادات في لندن مباشرة".
وستؤدي هذه المعلومات الى إرباك جديد للحكومة البريطانية، التي
اجبرت الشهر الماضي على نشر وثائق تظهر أنها علمت بأن المقيم في بريطانيا
بنيان محمد، المشتبه بكونه ارهابيا، تعرض للتعذيب في باكستان.
وكُشف عن الوثائق الأخيرة خلال استجواب بهاء موسى، وهو عامل فندق
عراقي ضرب حتى الموت اثناء احتجازه من جانب القوات البريطانية في ايلول
(سبتمبر) 2003. ويسعى المحققون الى معرفة كيف استخدمت تقنيات التحقيق التي
حظرتها الحكومة عام 1972 فيما يتعلق بالعذيب في العراق من جديد.
ويعتقد المحامون ان الأدلة الجديدة تدعم الشبهات حول وجود وحدة
استخبارات - فريق التحقيق المشترك الأمامي - كانت تعمل في العراق استخدمت
"تقنيات قسرية" ولم تكن تخضع للقادة العسكريين في العراق، على الرغم من نفي
المسؤولين الرسمي لكونها تعمل بشكل مستقل.
وفي بيان مقدم للتحقيق، قال الكولونيل كريستوفر فيرنون، انه اثار
هذه المخاوف بعد ان رأى 30-40 أسيرا وضعت رؤوسهم في أكياس. وقال ان
المسؤولين عن العملية قالوا انهم يتبعون مركز الدفاع والمخابرات الأمنية
التي يوجد مقرها في تشيكساندز بمقاطعة بدفورشاير، قيادة مخابرات الجيش
البريطاني.
وتم ابلاغه أنهم "وحدة مستقلة وتتبع مباشرة لتسلسلها القيادي في
لندن. وتغطية الرؤوس هي "ممارسة مقبولة" وستستمر، كما قيل له. وأضاف
:"أكدوا حقيقة أنهم وحدة مستقلة ليست خاضعة لقيادة الفرقة البريطانية
العاملة في العراق". وعندما سئل الكولونيل فيرنون في التحقيق الاسبوع
الماضي عما اذا "كان هناك نوع من الشعور العام في الجيش بأن رجال المخابرات
كانوا مستقلين بشأن إدارتهم لعملياتهم الخاصة"، رد قائلا:"اعتقد ان
بإمكانكم أن تقولوا ذلك".
وفي إفادة أخرى، قال الكولونيل ديفيد فرند، وهو مستشار قانوني
بالجيش البريطاني في العراق، ان مسؤولا رفيع الرتبة في المخابرات العسكرية
في لندن قال :"كان هناك سبب شرعي لوضع الرؤوس في أكياس، وقد قاموا بذلك
وسيواصلون القيام به". واضاف الكولونيل فرند :"ما اتذكره أنه قال بأنهم- اي
فريق التحقيق الأمامي المشترك- دُربوا على تغطية الرؤوس. وما فهمته من
الحوار معهم هو ببساطة استخدام أكياس الرمل السميكة لوضع رؤوس الأسرى
داخلها وهو اسلوب تم تدريب افراد فريق التحقيق المشترك عليه في فترة سبقت
نشرهم في العراق، وهو ليس ممارسة انفرادية من مبتكراتهم".
وفي رسالة الكترونية تكشف عنها التحقيق الاسبوع الماضي كتب الميجور
غافين ديفيز، وهو أحد أعضاء الفريق القانوني بالجيش في آذار (مارس) 2003
:"تحدثت مع س-002 (الاسم الحركي لضابط مخابرات عسكرية بريطاني في العراق)
حول موضوع وضع الأسرى في أكياس داخل منشأة بريطانية". ومضى يقول إنهم
أخبروه أن تغطية الرؤوس لا تتواصل بعد أن يتم استجواب أسرى من ذوي "القيمة
العالية"، وأن مدة التغطية يمكن ان تستمر ما بين ساعة إلى 24 ساعة.
والممارسة الأخرى الوحيدة كما كتب هي :"أنهم قد لا يسمح لهم بالنوم".
ويعتبر الحرمان من النوم نوعا من التعذيب.
وتنفى تشيكساندز دائما أن يكون الجنود تدربوا على استخدام أكياس
تغطية الرؤوس، مدعية بأنه كان هناك بعض الالتباس في برنامج التدريب حول
"السلوك تجاه الأسرى بعد اعتقالهم".
ونشرت الاسبوع الماضي رسالة الكترونية أخرى من ضابط قانوني عسكري
كان يخدم في المقر الدائم المشترك بقاعدة نورثوود، جاء فيها: "سمعت ان
تشيكساندز تنفي تدريب الجنود على تغطية الرؤوس، كما ألمحت إلى أنه قد يكون
هناك التباس في أذهان أولئك الذين انهوا برنامج السلوك بعد اعتقال الأسرى
الذي يتم خلاله تغطية رؤوس المتدربين. وأرى أن ذلك غير غير مقبول. الناس
الذين تحدثت إليهم ليسوا أغبياء. ويبدو لي أن المحتمل أكثر هو أن تغطية
الرؤوس يتم التدريب عليها، ولكن لتنفيذها في ممارسات تعقب مباشرة اعتقال
الأسرى للتعامل معهم".
ورفع محامي حقوق الانسان فيل شاينر، الذي يمثل عائلة بهاء موسى
والذي تسبب في إطلاق التحقيق العلني في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، 14
قضية إضافية حول التعذيب، وذكر فريق التحقيق المشترك الأمامي بالاسم. وهذه
هي المرة الأولى التي تظهر فيها أدلة من الجيش البريطاني تدعم الشكاوى
المقدمة. وهناك الآن 47 قضية تتعلق بالتعذيب مرفوعة ضد الحكومة.
وقال شاينر أمس:"لقد تأكد أن فريق التحقيق المشترك الأمامي كان
مؤسسة منفصلة كما أن أفراده لم يكونوا يخضعون لأي تسلسل عسكري قيادي. وهناك
ركام من الأدلة المرتبطة بهذه القضية وغيرها والتي تثبت أن فريق التحقيق
المشترك استخدم وسائل تحقيق إجبارية - ممنوعة قانونيا - كممارسة عمل
اعتيادية. ونحن بحاجة الى تحقيق مستقل لتحديد من هو المسؤول".
ورفض متحدث بلسان وزارة الدفاع البريطانية التعليق على الموضوع
نظرا الى ان التحقيق ما يزال مستمرا.