ضرورة التفاوض مع الاحتلال الصهيوني

ضرورة التفاوض مع الاحتلال الصهيوني

ربما يحسن بنا المرور على بعض المشاهد قبل الاستدلال على أهمية التفاوض مع الكيان الصهيوني. المشهد الأول كان في يوم الأحد 21/2/2010م حيث أعلن رئيس الحكومة الصهيونية "بنيامين نتنياهو" ضم المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، ومسجد بلال بن رباح في مدينة بيت لحم، إلى قائمة "المواقع التراثية" اليهودية، وقال "نتنياهو" لدى إعلانه القرار: "أتمنى أن يضم هذان الموقعان إلى القائمة.. هذا واجبنا أن نمنح أطفالنا هذا التراث". وأضاف: "إن وجودنا كدولة ليس مرتبطا بالجيش فقط أو بمناعتنا الاقتصادية، وإنما في تعزيز معرفتنا وشعورنا الوطني الذي سننقله للأجيال المقبلة، وفي قدرتنا على تبرير ارتباطنا بالبلاد " .

أما المشهد الثاني فكان يوم الأربعاء 3/3/2010م، وافقت لجنة متابعة مبادرة السلام العربية على إجراء مفاوضات غير مباشرة (إسرائيلية- فلسطينية) لمدة أربعة أشهر، وكان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قد قال: "رأينا مجمعين أن إسرائيل غير مستعدة لمفاوضات حقيقية تؤدي إلى سلام، وكان هناك تساؤل مشروع عن فاعلية دور الولايات المتحدة". سرعان ما رحب الكيان الصهيوني بموافقة لجنة مبادرة السلام العربية التابعة لجامعة الدول العربية على إجراء مفاوضات غير مباشرة بينها وبين السلطة الفلسطينية بناء على اقتراح أميركي في هذا الصدد.

مَن يمكنه أن يربط بين المشهدين، أو أن يصدق أن هذا هو ما جرى! سرعان ما انضم لهذين المشهدين مشهد اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني المسجد الأقصى المبارك بعد صلاة الجمعة في 5/3/2010م وللمرة الأولى من كافة أبوابه، في خطوة نحو تقسيم المسجد كما جرى في المسجد الإبراهيمي، إن المشهد الثالث هو النتيجة المتوقعة والطبيعة للمشهد الأول مع المشهد الثاني، ومن يدري ما المشهد الرابع؟

تأتي هذه المشاهد وسط مشاهد يومية ترسم بمجموعها وعبر تراكمها حالة المعاناة التي وصل إليها الاحتلال الصهيوني، لقد أصبح الاحتلال ملاحقاً في كل أنحاء العالم منذ الحرب الصهيونية على قطاع غزة، ولم تتوقف الفعاليات والمظاهرات والدعوات القضائية والمقاطعة التجارية والأكاديمية والثقافية ضد الكيان وجرائمه، وما "أسبوع الأبرتايد" الذي يقام في عدد من الجامعات في أكثر من 58 مدينة حول العالم ويدعو أساساً إلى مقاطعة الكيان اقتصادياً وأكاديمياً، وفرض عقوبات عليه نتيجة سياسته القمعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلا نموذج من تلك المشاهد.

نموذج آخر: هي صور فرق "الموساد" التي التقطتها كاميرات دبي أثناء تنفيذها لجريمة قتل، كانت كفيلة بإظهار الخلل والضعف في هذا الجهاز، وساهمت تلك الحادثة في تغيير الصورة النمطية التي رُبطت منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر بالمسلمين، مع ما تحمله تلك العملية من دلالات أخرى، كتجاهل الكيان للقانون الدولي، وتجاهله لسيادة الدول عبر استخدامه لجوازات سفرها، بالإضافة إلى كون هذه العملية تعطي مؤشراً عما سيقع في حال التطبيع مع الصهاينة، وستبقى نتائج هذه العملية حاضرة، وسوف يحتاج الكيان الصهيوني وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً حتى يمحو آثارها.

ربما وجد الصهاينة في قرار استئناف المفاوضات مخرجاً من كل تلك المشاهد المزعجة مع مواصلة المفاوضات على الأرض، وأقصد بهذا أن الصهاينة يفاوضون العرب على الخرائط والأوراق بينما هم يواصلون العمل وبخطوات سريعة على الأرض من خلال الاستيطان وهدم المنازل ومصادرة الأراضي والحفريات في القدس وتحت المسجد الأقصى المبارك. وعندما يصل المفاوض العربي لأي نتيجة ستكون الوقائع على الأرض هي المحدد والحكم والمرجع والأساس، وكل هذا سيجري بلا ضمانات أو حتى وعود من اللجنة الرباعية أو الولايات المتحدة التي يريد رئيسها "باراك أوباما" من هذه المفاوضات أن يظهر وكأنه حقق انجازاً على صعيد الصراع العربي الصهيوني.

إن كان العرب لا يملكون إلا التفاوض ثم التفاوض، والسلام ثم السلام، فإن عليهم على الأقل أن يساندوا ويدعموا ويمولوا من يملك مواجهة التفاوض العملي الذي يقوم به الاحتلال على الأرض، من خلال دعم الفلسطينيين خاصة في مدينة القدس، وتبني مشاريع صمود أهلها في مختلف المجالات، وإن تعذر ذلك الأمر على الصعيد الرسمي فينبغي فتح الأبواب للجهات الأهلية والشعبية، لا أن تترك مقدسات الأمة، وتسلم مقدساتها، ويترك المقدسيون والفلسطينيون وحدهم في الميدان، إن على العرب أن يغيروا مفهوم التفاوض لكي يتوافق مع مفهوم التفاوض الصهيوني على الأقل، إن كان لا بد من وجود مفاوض على الطاولة، فإنه لا بد من وجود مفاوض على الأرض.

إن المفاوض الحقيقي والأقوى حجة هو من يحمل البندقية ويمضي ليقطع يد سارق القدس والمقدسات، إنها المقاومة الفلسطينية التي أكدت دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بعنوان: (تحدي المقاومة، خواصها والطرق الإسرائيلية الممكنة لمواجهتها)، "أن المقاومة غيّرت وجه المنطقة، كما أن فكرة المقاومة تعززت كمفهوم مهيمن لدى غالبية الجماهير في المنطقة، وأن ميزان القوى الراهن بين المقاومة في المنطقة وبين أعدائها وخصومها شبه متوازن ويميل لصالحها، وأنها تهدد الكيان الصهيوني أكثر من الجيوش النظامية".

ما حِيلَتِي فيمَن يَرَى *** أنَّ القبيحَ هو الحَسَنْ

كفُّ المُخادِعِ خَلْفَهُ *** لم يدرِ عن يدِهِ إذن

يتخافتونَ وما دَرَوا *** أنَّ الزمانَ له أُذُن

كلُّ الذي يُخفونَه *** يوماً سيخرجُ للعَلَن

شرُّ المهانَةِ ركعةٌٌ *** بينَ الجُموعِ إلى وَثَن

ربنا بعين

» أسماء الأسيرات في سجون الاحتلال الصهيوني
» وسط غضب فلسطيني عارم.. الاحتلال الصهيوني يفتتح الكنيس اليهودي بمدينة القدس المحتلة
» قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل أربعة شبان من المعتكفين لحظة خروجهم من المسجد الأقصى المبارك
» زيدان يحث بيريز على ضرورة التعاقد مع ريبيري
» حكم الإعتراف بدولة الكيان الصهيوني