مشاهد الدفاع عن أسرى الأمة
المشهد الأول: رجل مسن يفتخر ويصيح أيها الناس هل أتاكم حديث الحاجب المنصور بن محمد الأندلسي- قائد من قادة الأندلس والذي كان راجعاً من غزوة من غزواته بل من فتح من فتوحاته في يوم عيد يوم أن فتحنا نصف أوروبا ووصلنا إلى قلبها- كان راجعاً من فتح من الفتوحات فإذا بها امرأة عجوز تستقبله وتخبره بلسان حالها أيها القائد: "كل البيوت دخلتها فرحة العيد إلا بيتي" قال لها لبيكِ، قالت: ابني أسير قال: أين أسير؟ قالت: إنه أسير في بلد كذا، بينه وبينه آلاف الكيلومترات لم ينزل القائد عن فرسه ويأمر الجيش بالاستعداد لجهاد ويرجع مرة أخرى لأجل أسير واحد؛ فدك الحصون وفتح البلاد وسحق الجيوش كلها لأجل أسير واحد حرره ثم رجع وأدخل الفرحة إلى بيت الأم العجوز.
المشهد المقابل: وأنا أكتب هذه الكلمات في بيتي المكيف في ماليزيا وأجلس والطعام والشراب تحت متناول يدي، أحتقر الدنيا وما فيها، أحتقر الظالم المتستر بظاهر الشرف ويبطن الغدر واللؤم أياً كان وحيثما حل في الزمان والمكان، لأن من هم أعظم مني ومنكم أيها القادة وأيتها الشعوب يخوضون معركة الأمعاء الخاوية في سجون السلطة الفلسطينية التي بعد أن أذلتهم لكسر إرادتهم فرَّقت شملهم بين سجونها في محافظات الضفة، إنهم كواكب مشرقةٌ مضيئةٌ آمنوا بربهم وعدالة قضيتهم في عصر الظلمة والظلاميين، إنهم ثمانية مجاهدين أسرى ولكن ليسوا في سجون الروم أو الفرس ولا في سجون الصهاينة إنهم أسرى في سجون فلسطينية عيدهم كان سجناً وأمهاتهم يوم العيد ردَّدن كل البيوت دخلتها الفرحة إلا بيتنا فأين أنت يا أيها الأندلسي لتحرر: الدكتور غسان ذوقان، محمد سوقية، وسام القواسمي، مهند نيروخ، أحمد العويوي، وائل البيطار، مجد عبيد وناجي عاصي، هؤلاء الذين سيذكرهم التاريخ بأحرف من نور ولا ذكر لمعذبيهم في عالم البشر.
ومشهد آخر محكمة السلطة تصدر أحكاماً غيابية على مجموعة من الأسرى في سجون الاحتلال، معقول ذلك؟ نعم هذا ما جرى، فبعد انتهاء محكومياتهم سيكون عليهم قضاء أحكام أخرى في سجون الاحتلال، عفواً... في سجون فلسطينية.
ويوم العيد الأخت الفاضلة أم حمزة القرعاوي لسان حالها يردد كل البيوت دخلتها الفرحة إلا بيتي فمنذ سنوات لم يلتئم شمل أسرتي، فعلاً منذ سنوات عديدة لم يدخل الفرح بيتها، كان زوجها النائب شيخ طولكرم أبو حمزة أسيراً ونجليها أسرى لدى الاحتلال، العيد الماضي كادت أن تفرح أم حمزة بعد أن التأم شمل الأسرة من جديد، لكن حمزة انتزع من بين يديها، ولحقه حازم الفتى الحيي الذي تراه قرآنا يدب على الأرض، وتبعهم براء، قلت لصديق هنا إذا أردت أن تتعرف على رجالٍ كبروا قبل أوانهم فاذهب إلى بيت الشيخ فتحي القرعاوي لتجد حمزة وحازم وبراء... فيا أم حمزة أبشري ستدخل الفرحة بيتكم وسيلتم الشمل وتفرحين بهم عرساناً فصبراً أختاه ولا تترددي أن ترددي: اللهم لقد أراني الظالم قوته علي، فأرني قوتك عليه.
وفي نابلس تمام أبو السعود امرأة فلسطينية مجاهدة صابرة ربت أبنائها الأيتام، تقاسمتهم أيام العيد سجون الاحتلال وسجون السلطة، أهذه هي الرجولة على أرملة وأيتام؟ فما الذي يجري وفي سبيل ماذا؟ ألهذا الحد يهون الناس عليكم؟ وعلى ماذا الرهان؟ على إسرائيل التي تمرغت بالفشل من شرارة نارٍ أحرقت كرامتها قبل أن تحرق الكرمل؟ إنه رهانٌ خاسر، أم على قوتكم؟ فلستم أقوى من أمريكا ولا من إسرائيل، ستقولون مصلحة السلطة وأمنها، أقول لكم مصلحة الوهم والسراب، ألم يقلها الرئيس محمود عباس أن كرامته لا تقبل عليه أن يستمر رئيساً لسلطةٍ غير موجودة، إذاً أنتم تدافعون عن وهمٍ وسرابٍ في مواجهة إخوانكم الكرام.