العالم الورع ترجمان القرآن حبر الأمه الصحابي الجليل ابْنِ عَبَّاسٍ
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم رسول الله
ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة إذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان جميلا أبيض طويلا، جسيما وسيما، صبيح الوجه فصيحا.
ولقبه حبر هذه الأمة، لأستنارة عقله وذكاء قلبه، واتساع معارفه.
قال عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ
وَقَالَ
" اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ "رواه البخاري / كتاب العلم"
انها دعوة من رسول الله
وما اعظم هذا الشرف والميزه بأن يدعوا لك رسول الله
بالعلم وليس اي علم انه العلم بكتاب الله سبحانه وتعالى هذا النور والفرقان والرساله المطهرة والهدي الالهي للبشرية في كل مكان وزمان ان هذا الكتاب ما قال فيه الله تعالى
( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) صدق الله العظيم
ارزقه فهما في دين الله سبحانه و تعالى و في آيات الله سبحانه وتعالى وفي أحكامه القران الكريم والعلم بالكتاب والعلم بالسنة النبوية الشريفة، والعلم بالفقه في دين الله سبحانه و تعالى
ان العلم بالكتاب من أفضل الأعمال في الدنيا والاخرة ، وأن من يحصل على هذا يكون على قدر كبير من المنزلة و الشرف والميزة والفضل لا يحصل لاي شخص انما يحصل لمن رضي الله عنه ، ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وارضاه فإن الله -تعالى- وفقه ورزقه الفهم في الدين والحفظ، والحكمة ونال درجة من العلم والفقه والاخلاق لا يُدانى فيها بأي حال من الاحوال
ثم توالت المناسبات والفرص التي يكرر فيها الرسول هذا الدعاء ذاته لابن عمه عبدالله بن عباس.. وعندها أدرك ابن عباس أنه خلق لخدمة هذا الدين والعلم والحكمة
عن شقيق قال
: خطب بن عباس وهو على الموسم فافتتح سورة النور فجعل يقرأ ويفسر فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله
لو سمعته فارس والروم لأسلمت.
وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
: لقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازي، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب، و
لا رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا " قط " سأله إلا وجد عنده علما.
لقد عاش ابن عباس رضي الله عنه في طريق الايمان و المعرفة والدين والعلم
وكان ابن عباس رضي الله عنه محبًا للعلم منذ صغره، يقبل عليه، ويهتم به حفظًا وفهمًا ودراسة، وما إن اشتد عوده حتى أصبح أعلم الناس بتفسير القرآن وأحكام السنة المطهرة، يأتي إليه الناس من كل مكان يتعلمون منه أحكام الدين على يديه.
كان ابن عباس من الرجال المشهود لهم بالفضل وسعة العلم، وله فضائل مشهودة ومناقب مذكورة
بعث الإمام علي كرم الله وجهه ابن عباس ذات يوم إلى طائفة من الخوارج، فدار بينه وبينهم حوار طويل، ساق فيه الحجة بشكل يبهر الألباب فقد سألهم ابن عباس: (ماذا تنقمون من علي؟)...
قالوا: (نَنْقِم منه ثلاثا: أولاهُن أنه
حكَّم الرجال في دين الله، والله يقول: إن الحكْمُ إلا لله، والثانية أنه قاتل ثم
لم يأخذ من مقاتليه سَبْيا ولا غنائم، فلئن كانوا كفارا فقد حلّت له أموالهم، وإن كانوا مؤمنين فقد حُرِّمَت عليه دماؤهم، والثالثة رضي عند
التحكيم أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين استجابة لأعدائه، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين)...
وأخذ ابن عباس يُفَنّد أهواءهم فقال: (أمّا قولكم إنه حَكّم الرجال في دين الله فأي بأس؟... إن الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتُلوا الصَّيْد وأنتم حُرُم ومن قتَله منكم مُتَعمدا فجزاء مِثلُ ما قَتَل من النعم
يحكم به ذوا عَدْل منكم}...
فَنَبئوني بالله أتحكيم الرجال في حَقْن دماء المسلمين أحق وأوْلى، أم تحكيمهم في أرنب ثمنها درهم؟!... وأما قولكم إنه قاتل فلم يسْبُ ولم يغنم، فهل كنتم تريدون أن
يأخذ عائشة زوج الرسول وأم المؤمنين سَبْياً ويأخذ أسلابها غنائم؟؟...وأما قولكم أنه رضى أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين حتى يتم التحكيم، فاسمعوا ما فعله رسول الله يوم الحديبية، إذ راح يُملي الكتاب الذي يقوم بينه وبين قريش فقال للكاتب: (اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله)...
فقال مبعوث قريش: (والله
لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صَدَدْناك عن البيت ولا قاتلناك، فاكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله)... فقال لهم الرسول: (
والله إني لرسول الله وإن كَذَّبْتُم)...
ثم قال لكاتب الصحيفة: (اكتب ما يشاءون، اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله)... واستمر الحوار بين ابن عباس والخوارج على هذا النسق الباهر المعجز، وما كاد ينتهي النقاش حتى نهض منهم عشرون ألفا معلنين اقتناعهم، وخروجهم من خُصومة الإمام علي رضي الله عنه
توفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين هجري، وهو ابن إحدى وثمانين سنة رضي الله عنه.