يسير حزب المحافظين الحاكم في كندا برئاسة السيد ستيفن هاربر ومعه رئيس الحزب الليبرالي مايكل ايغناتيف نحو تصعيد خطير وغير مسبوق في حملة عنصرية ضد العرب والمسلمين من اصول كندية ومؤسساتهم الخيرية والاجتماعية والسياسية ، ربما ، حتى يستكمل السيد هاربر مسيرة فاشلة للرئيس الامريكي المنصرف جورج بوش الابن ، ابن مدرسة الفاشية الجديدة في عالم الراسمال اليوم. وتشن الحكومة الكندية حربا بالكلام والتهديد هذه الايام على قيادات ومؤسسات الجاليات العربية ، بلا مبرر او قانون الا انهم " اتنتقدوا العجل المقدس : اسرائيل "
ان دولة كندا الاستيطانية ، لم تعد تكترث بشعارات قديمة وواهية عن " حفظ وبناء السلام " او " بناء مجتمع متعدد الثقافات " الخ من مزحات الامبريالية السمجة ، فالدولة التي قامت على انقاض شعوب السكان الاصليين وجثثهم وقراهم وهدمت ثقافتهم وحشرتهم في محميات ( مخيمات ) وقتلتهم بالبارود والانفلونزا ، لا تزال قادرة على تبرير الجريمة الاسرائيلية ، المطابقة تماما ، وتقريبا وفق النسق ذاته ، " محاربة التطرف والارهاب " واخر طبعة ، لتلك السياسة القديمة – الجديدة – كانت تصريحات مقززة وردت على لسان وزير الهجرة الكندي السيد جيسون كيني اذ يدعو فيها الوزير " الجالية العربية لانتخاب قيادة معتدلة لمؤسساتها " وبالتالي ، " غير معادية للسامية " اي لا تنتقد السياسة الاسرائيلية ، ولا تشغل بالها في تغيير سياسة كندا الخارجية او تمارس حقها الطبيعي والانساني في التعبير عن مشاعرها الوطنية والانسانية!؟
بمعنى اخر :
يقول الوزير جيسون كيني للمواطن الكندي من اصل افغاني او من اصل عربي ، لا يحق لك ان تغضب اذا قمنا باحتلال افغانستان ، بلد ابوك واجدادك ، او اذا دعمنا الاحتلال الامريكي للعراق ، والاحتلال الصهيوني لفلسطين وبررنا العدوان المستمر على لبنان ، وقاطعنا مؤتمر ديربن لمناهضة العنصرية واعتبرنا الجهاد والجبهة الشعبية منظمات ارهابية ، ان تلك سياسة كندية حضارية وتعبر عن مجتمع ديمقراطي حديث عليك ان تحتفي به بل وتساعدنا على تسويقه في عالمك القديم!
يشن السيد الوزير كيني هجوما الفيدرالية العربية الكندية وضد كل النشاط الفلسطيني والعربي المساند للحقوق الفلسطينية والعربية ، ويريد ان يحاكم مؤسسات عربية لانها ترفض الاحتلال والحرب والعنصرية. ويختار السيد كيني الفيدرالية العربية الكندية ، المؤسسة العربية الناشطة والفاعلة ، ويحاول إلصاق تهمة " التطرف " و " العداء للسلام " بها ( حتى لا يضطر لاستخدام كلمة ارهاب ) وهو يهدف من خلال هذه الحملة زرع الخوف في اوساط الجالية العربية والعمل على اقصاؤها عن اي دور مشارك في تغيير السياسة الكندية المنحازة بالكامل لاسرائيل وحليفتها الاكبر الولايات المتحدة.
تعتبر الفيدرالية العربية الكندية واحدة من اهم المؤسسات العربية في كندا من حيث تاريخها العريق وما تقوم به من نشاط اجتماعي وما تقدمه من الخدمات التربوية والثقافية والمهنية للجالية العربية والاسلامية وللكنديين عامة ، ويقف على رأسها قيادة منتخبة ومشهود لها بالنزاهة والمهنية والموقف السياسي العروبي والواضح إزاء قضايا العرب والمسلمين وقضايا وهموم الجالية والاقليات الاثنية في كندا . فما الذي تغير حتى تسلك كندا طريقا يتركه اصحابة الان في المركز بواشنطن ، وهو الدرب الذي اصيب بالعطب والفشل والهزيمة..
والا لماذا جاؤا بالرئيس الجديد أوباما؟!
المثير للدهشة هو ان يستخدم الوزير الكندي ، مع مواطنيه من اصول عربية ، اللغة ذاتها التي تستخدم لتبرير عدم مواجهة الواقع في فلسطين ولبنان ، وضد المنظمات والقوى والدول التي لا تسير وفق خطط وطرق ومسارات السيد كيني المتصهين واسياده . كندا رفضت الاعتراف بنتائج الانتخابات الفلسطينية ، وقاطعت " حكومة حماس " ، ورفضت استقبال د. مصطفى البرغوثي ، لانه كان يشغل منصب وزير الاعلام في تلك الحكومة ، وطالبت الفلسطينيين بانتخاب قيادة معتدلة وجديدة ! هل تنسى كندا ـ او ربما لا تنسى ، ان هؤلاء الذين تطالبهم بالفعل ذاته هنا في كندا ، هم في الحقيقة كنديين ؟! ولهم حقوق يكفلها الدستور الكندي ، من حقهم انتخاب القيادة التي يرونها مناسبة لمؤسساتهم ومجتمعاتهم ، فلا الوزير كيني ولا غيره يستطيع ان يفرض عليهم قانون الغاب والحصار هنا وهناك!؟
الجغرافية تقول : مونتريال ليست غزة !
لكن الوزير العنصري ، كان اسمه افيغدور ليبرمان او جيسون كيني ، لا فرق ، فهو يرى الامر كذلك ان تواجد عربي في اي منهما ، فالعنصرية لا وطن لها ، تماما مثل النضال ضدها ، لذلك من الممكن القول ايضا ان كندا هي دولة اسرائيل الكبرى بمعنى ما ، ويصح القول بان مونتريال هي ام الفحم او الناصرة : ارض محتلة ومسروقة لشعب اصلاني يتسيد فيها كيان عنصري تعبر عنه دولة استيطانية راسمالية ويهيمن فيها اللون البيض على كل شئ تقريبا . ان هذه الدولة لم تعد تكترث بمنطق الدول ، خصوصا في ظل غياب قدرة لدى الضعفاء ، فحتى مسلسل الكذب القديم في قاموس الراسماليين ومثقفيهم وحديثهم الموتور عن الديموقراطية والدولة التي سوف تكون ليبرالية وتكون لكل مواطنييها ، وتحترم القانون الدولي ، كل ذلك تبخر ولم يعد موجودا حتى في الصحافة بل وخصوصا في الصحافة!
كندا التي تشارك في احتلال افغانستان ويرتكب جنودها جرائم الحرب بحق المدنيين العزل وتقدم كل الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي للكيان الاسرائيلي العنصري وتغطية في كل المحافل الدولية وتشارك في برامج التعاون مع حكومة الاحتلال في العراق وتدعم انظمة فاشية وديكتاتوريات في طول الارض وعرضها وقد منعت مؤخرا النائب البريطاني جورج جالاوي من دخول " اراضيها " ، اقول ، ان هذه الدولة ، تسعى لتنصيب قيادة جديدة للجالية العربية ولمؤسسة عربية محترمة مثل الفيدرالية العربية الكندية ، ووصل الامر حد التهديد بقطع المعونات الحكومية عن تلك المؤسسات ان لم تنتخب " قياده جديدة ومعتدلة " ! انه هو مايكرو الحصار ذاته والمنطق ذاته المثلوم ذاته اذن !
تسعى الحكومة الكندية لوضع القوى السياسية والاجتماعية الناشطة ضد الحرب في موقع المدافع عن الذات والذي يحتاج لتبرير كل خطوة ومقول وشعار وتصريح . وتاتي هذه الخطوات بعد مشاركة قطاعات جماهيرية كبيرة في المجتمع الكندي في المسيرات والمظاهرات ضد العدوان الاسرائيلي على غزة ، واتساع حجم المشاركة في حملة المقاطعة لاسرائيل وسحب الاستثمارات ، وما تشهده عشرات الجامعات الكندية من انشطة تضامنية ومساندة للحقوق الفلسطينية ضد سياسة الابارتهييد الصهيوني خير دليل وهو نشاط يجد دعما من عشرات النقابات الكندية التي بدات تشارك في النضال ضد الاحتلال الاسرائيلي وسياساته الاجرامية .
ومؤخرا ، ذهبت بعض الجامعات واللوبي الصهيوني في تحالف مقدس لمنع جمعيات طلابية من تنظيم فعاليات اسبوع ضد الابارتهييد الاسرائيلي والتضامن مع الشعب الفلسطيني . وبالمقابل ترتفع وتيرة العمل المشترك بين القوى الفلسطينية والعربية مع القوى اليهودية المناهضة للصهيونية والرافضة للاحتلال وصدر بيانا وقع عليه عشرات الاكاديميين اليهود الكنديين رفضوا منطق القمع الحكومي لمنتقدي اسرائيل ودفاعا عن المؤسسات العربية الكندية كما رفضوا مساواة نقد اسرائيل بتهمة اللاسامية .
اذا استمر الامر على هذا الحال ، فقد تغرق كندا اكثر في بحر العنصرية ، ومن يدري ، فقد تطلب من الجالية العربية تنظيم مؤتمر لاستقبال الوزير الصهيوني افيغدور ليبرلمان للحصول على الغفران وصفة المواطنة وحقوق المساواة..في كندا لماذا علينا أن نقبل هذه العنصرية بسبب الفقر?? أو كراهية الاسلام?و أننا لا نملك شرف? لماذا عندما يأتون إلى بلدنا نحن نعاملهم جيد..................