ركبت المصعد يوماً من الأيام ودخل معي أحد الذين عليهم سيما الخير ولكنه لم يسلم علي فتعجبت لأن السلام من الحقوق بين المسلمين ولكن عجبي زال لما علمت أن هذا الرجل من ( الصم البكم ) فقلت في نفسي: لماذا لم التمس له عذر على تركه السلام ؟
إننا في أحيان كثيرة نغفل عن أدب من أفضل الآداب بين المسلمين ألا وهو ( التماس العذر ).
فلماذا نجد أن في تعاملاتنا وحتى بيننا وبين علمائنا ( نسيء الظن ) ونتهم الناس على كل كلمة وعلى كل موقف وكأننا ننتظر الطرف الآخر أن يقع في أي أمر لكي نلصق به العبارات والكلمات التي تسقطه...
ما أحوج الناس إلى كثير من الآداب الشرعية وخاصة تلك الآداب المتعلقة بالقضايا الاجتماعية.
وانظر لذلك الزوج الذي كلما قالت زوجته كلمة ( لها احتمالات كثيرة ) وإذا به يسيء الظن بها ويرد عليها رافعا صوته ويدعي أنها لا تقدره و لا تحترمه وعلى العكس تلك الزوجة ( عاطفية جداً كالريشة ) لو نفخ في وجهها عصفور لسقطت على الأرض , لا تريد أن تسمع من زوجها كلمة عتاب أو انتقاد أو تصحيح عجباً لك أيتها الزوجة لماذا كل هذه الحساسية الزائدة ؟؟
( وهذا باب طلاق إن كنت لا تعلمين ).
وعلى المستوى الوظيفي , ترى المدير على شفا جرف هار عند أدنى كلمة يسمعها من أي موظف ويقيم لها جلسات تحقيق و ( لفت نظر، وتوقيف و...) .
يا أخي لم أقصد والله مادار في ذهنك بل ومنهم من يجعل له جواسيس في الأقسام ليخبروه عما يقال فيه , يا هذا أين أنت من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
ولما تأملت سنة النبي صلى الله عليه وسلم رأيت العجب العجاب في تقديم السؤال عن سبب الخطأ قبل العتاب فضلا عن العقاب.
ففي قصة حاطب رضي الله تعالى عنه لما أرسل إلى المشركين كتابا يخبرهم فيه عن عزم الرسول صلى الله عليه وسلم لقتال أهل مكة فلما جاء الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وانكشف الأمر وجيء بحاطب ياترى ماذا كان موقف الرسول من هذا الخطأ الكبير وهذا الأمر العظيم لقد كانت أول كلمة قالها لحاطب هي ( ما حملك على ما صنعت ) والقصة في صحيح البخاري , إنها روائع الأخلاق , إنها قمة الأدب , ياترى أين الكثيرين من الرجال والنساء عن هذا الأدب الراقي ؟؟
بل أين الدعاة ورجال الإصلاح؟؟ وأين المفكرين والأدباء؟؟ وأين المدراء والمسؤلين؟؟
إنها إشارة تذكير من محب، لابد أن نعود إلى المنهل الصافي ( الكتاب والسنة ) ونجاهد أنفسنا على الالتزام بأجمل الأخلاق النبوية.