كيف كان يفكر الامام حسن البنا؟

</IMG>

إنه حسن البنا صاحب الشجرة الطيبة والدعوة المباركة دعوة الإخوان المسلمين، الدعوة التي اقتدى فيها بالرسول صلى الله عليه وسلم.. حسن البنا الذي بنى بناءً كلُّ ما فيه حسن، ولكي نُدرك عظم ما جاء به الإمام البنا، ولكي نفهم كيف كان يفكر الإمام لا بد أن نعلم الظروف التي كانت تمر بها مصر والأمة الإسلامية، إذ جاء الإمام البنا والأمة تمر بها كل الأزمات، فعلى المستوى العسكري كانت الأمة كلها ترزخ تحت نيران الاحتلال الغربي، وعلى المستوى السياسي كانت الأحزاب والنخب السياسية لا تعمل إلا لمصالحها الحزبية الضيقة.

وعلى المستوى الاجتماعي والأخلاقي كانت الأمة تمر بمرحلة من الانحلال الأخلاقي لم يسبق لها مثيل، وموجة من التغريب الموجه الذي يريد أن يسلخ الأمة من دينها، وعلى المستوى الاقتصادي كانت الأمة في حالة فقر شديد.

أما المصيبة الكبرى كانت في سقوط الخلافة الإسلامية، الراية التي يجتمع تحتها المسلمون كلهم مهما كان ضعفهم، جاء الإمام في ظل هذه الظروف وقد تهدَّم بنيان الإسلام، وتفرق مناصروه إلى شيع وأحزاب، لكن الإمام لم يستسلم لهذا الوضع، فوضع خطةً محكمةً ومكتوبة من أجل إعادة تشييد هذا البناء العظيم، ووضع لهذه الخطة هدفين وسبعة مراحل، أما الهدفان فيقول الإمام البنا في رسالة (بين الأمس واليوم): "اذكروا دائمًا أن لكم هدفين أساسيين: أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي؛ وذلك حق طبيعي لكل إنسان، لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد، وأن يقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة، تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي، وتعلن مبادئه القويمة، وتبلغ دعوته إلى الناس"، وأما المراحل السبعة فيقول الإمام البنا في رسالة (إلى الشباب): إن منهاج الإخوان المسلمين محدود المراحل، واضح الخطوات، فنحن نعلم تمامًا ماذا نريد، ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة.

1- نريد أولاً الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته، وفي خُلُقِه وعاطفته، وفي عمله وتصرفه، فهذا هو تكويننا الفردي.

2- ونريد بعد ذلك البيت المسلم في تفكيره، وعقيدته، وفي خُلُقه، وعاطفته، وفي عمله وتصرفه، ونحن لهذا نعني بالمرأة عنايتنا بالرجل، ونعني بالطفولة عنايتنا بالشباب، وهذا هو تكويننا الأسري.

3- ونريد بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كله أيضًا، ونحن لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت، وأن يُسمع صوتنا في كل مكان، وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل في القرى والنجوع والمدن والمراكز والحواضر والأمصار، لا نألو في ذلك جهدًا، ولا نترك وسيلة.

4- ونريد بعد ذلك الحكومة المسلمة التي تقود هذا الشعب إلى المسجد، وتحمل به الناس على هدي الإسلام من بعد.

5- ونريد بعد ذلك أن نضم إلينا كلَّ جزء من وطننا الإسلامي، الذي فرقته السياسة الغربية، وأضاعت وحدته المطامع الأوروبية، فمصر وسوريا والعراق والحجاز واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش وكل شبر أرض فيه مسلم يقول: لا إله إلا الله، كلُّ ذلك وطننا الكبير الذي نسعى لتحريره.

6- ونريد بعد ذلك أن تعود راية الله خفاقة عالية على تلك البقاع التي سعدت بالإسلام حينًا من الدهر، ودوَّى فيها صوت المؤذن بالتكبير والتهليل، ثم أراد لها نكد الطالع أن ينحسر عنها ضياؤه فتعود إلى الكفر بعد الإسلام، فإن من حقنا أن نعيد مجد الإمبراطورية الإسلامية التي قامت على العدالة والإنصاف ونشر النور والهداية ببن الناس.

7- نريد بعد ذلك ومعه أن نعلن دعوتنا على العالم، وأن نبلغ الناس جميعًا، وأن نَعُمَّ بها آفاق الأرض، وأن نُخْضِع لها كل جبار؛ ﴿حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ﴾ (الأنفال: من الآية 39)، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)﴾ (الروم)، ولكل مرحلة من هذه المراحل خطواتها وفروعها ووسائلها، وإنما نُجمل هنا القول دون إطالة ولا تفصيل، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، ثم وضع الإمام البنا وسائل لتحقيق الأهداف وتنفيذ المراحل، فيقول في رسالة (المؤتمر السادس): أما وسائلنا العامة:

- فالإقناع ونشر الدعوة بكل وسائل النشر؛ حتى يفقهها الرأي العام، ويناصرها عن عقيدة وإيمان.

- ثم استخلاص العناصر الطيبة؛ لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح.

- ثم النضال الدستوري؛ حتى يرتفع صوت هذه الدعوة في الأندية الرسمية، وتناصرها وتنحاز إليها القوة التنفيذية، وعلى هذا الأساس سيتقدم مرشحو الإخوان المسلمين حين يجيء الوقت المناسب إلى الأمة؛ ليمثلوها في الهيئات النيابية، ونحن واثقون بعون الله من النجاح ما دمنا نبتغي بذلك وجه الله ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)﴾. (الحج)

- أما سوى ذلك من الوسائل فلن نلجأ إليه إلا مكرهين، ولن نستخدمه إلا مضطرين، وسنكون حينئذٍ صرحاء شرفاء، لا نحجم عن إعلان موقفنا واضحًا لا لبس فيه ولا غموض معه، ونحن على استعداد تام لتحمل نتائج عملنا أيًّا كانت، لا نلقي التبعة على غيرنا، ولا نتمسح بسوانا، ونحن نعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وأن الفناء في الحق هو عين البقاء، وأنه لا دعوة بغير جهاد، ولا جهاد بغير اضطهاد، وعندئذ تدنو ساعة النصر ويحين وقت الفوز، ويتحقق قول الملك الحق المبين ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)﴾ (يوسف)، وهكذا وضع الإمام البنا رحمه الله الخطة ذات الأهداف المعروفة، والمراحل المحددة، ووسائل تحقيقها، ولكي يتم ذلك كله كان لا بد من وجود جماعة موحدة تسعى لتحقيق الأهداف، فكانت جماعة الإخوان المسلمين، وكان قيام هذا الجماعة ضرورةً شرعيةً وفريضةً إسلاميةً؛ ولذلك أقام البنا بتوفيقٍ من الله هذا الصرح العظيم، ولم يترك الإمام البنا هذه الجماعة دون ضوابط أو تحديد لملامحها، بل وضع لها صفةً ضوابط وخصائص وأركان، فيقول الإمام البنا عن صفة هذه الجماعة في رسالة (في اجتماع رؤساء المناطق ومراكز الجهاد): لقد أعلنتم من أول يوم أن دعوتكم "إسلامية صميمة" على الإسلام تعتمد ومنه تستمد، وهتفتم بها من كل قلوبكم: الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، الموت في سبيل الله أسمى أمانينا.. ولكنكم مع هذا فهمتم الإسلام فهمًا شاملاً، إذن فإن صفة هذه الجماعة أنها إسلامية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، وإنها تعمل لصالح الإسلام والمسلمين"، ووضع الإمام البنا أركان بيعة في عنق كلِّ فرد من الإخوان فيقول في رسالة (التعاليم): "أيها الإخوان الصادقون، أركان بيعتنا عشر فاحفظوها: الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأخوَّة، والثقة"، ووضع ضوابط تحكم فهمنا للإسلام الذي نعمل له، فوضع الإمام الأصول العشرين التي تضبط فهم الإخوان للإسلام، وكان أهم هذه الضوابط: تأكيد شمولية الإسلام "دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية"، وتأكيد مرجعية الكتاب والسنة، ووضع الإمام خصائص لدعوة الإخوان فقال في رسالة (المؤتمر الخامس): ومن هذه الخصائص:

1- البعد عن مواطن الخلاف

2- البعد عن هيمنة الأعيان والكبراء.

3- البعد عن الأحزاب والهيئات

4- العناية بالتكوين والتدرج في الخطوات

5- إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات

6- وشدة الإقبال من الشباب

7- وسرعة الانتشار في القرى والمدن.

هذه بعض ملامح تفكير الإمام البنا رحمه الله، وهكذا كان يفكر الإمام رحمه الله، يقول الأستاذ سعيد حوي في كتاب "في أفاق التعاليم".

- "يبقى حسن البنا رحمه الله واضع نظريات العمل الإسلامي، فهو الذي طرح فكرًا قابلاً للتطبيق، قابلاً للاعتماد، قابلاً لأن يأخذ بيد المسلم من البداية إلى النهاية، ففكر الأستاذ البنا فكرٌ شاملٌ يسع كل احتياجاتنا، ولعله من التجربة يظهر لنا أن أي فكر معاصر لا يغني عن فكر الإمام البنا رحمه الله، وإننا لنرضى لأنفسنا إن ننطلق بعيدًا عن سير الأستاذ البنا؛ لأن التفريط في ذلك تفريط في السير الصحيح لنصرة الإسلام في هذا العصر".

ra7emaho allah w mashkor 3la almodo3 w jazzak allah 5er

جزاك الله كل خير

» وصايا الشهيد الإمام حسن البنا رحمه الله ..
» الامام البخاري
» هنري يفكر في الإعتزال
» فلم وثائقي عن الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه
» سيرة الامام الشهيد علي بن ابي طالب