شهر رمضان وحفظه لجارحة اللسان

فقد ورد بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه"، وقال (عليه الصلاة والسلام) : "… إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب وإن سابه أحد فليقل إني صائم".

فهذان الحديثان يبينان ما ينبغي للمسلم سلوكه في نهار رمضان وأثناء صيامه ، وهذا دعوة للمسلم أن يحفظ لسانه من الوقوع في المنهيات التي تؤدي إلى الفساد وإفساد فئات المجتمع ، وقول الزور والفسق والسباب الذي لا يكون إلا بجارحة اللسان منهي عنها في الصيام وغير الصيام ، ويؤدي بالمرء إلى الوقوع بالمعاصي ، ويعتبر العلماء أن اللسان أهم الجوارح للإنسان نفعاً إذا صلح ، وأعظمها ضرراً إذا فسد، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : "وهل يكب الناس على مناخرهم أو على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم"، ويبين سبحانه وتعالى أن اللسان يكون شاهداً على أصحابه يوم القيامة، حيث يقول عز وجل : " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون "

فاللسان نعمة ينعمه الله تعالى على عباده ليعبر عنه عما في نفسه ويحقق مطلبه ، والمتأمل إلى مخارج الحروف ونطقها يجد بأنها آية على قدرة الله وعظمته على اختلاف ألسنة ولغات الناس ، والله يقول : (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)"، والمسلم يعمل جاهداً على حفظ لسانه في كافة الأزمنة لأنه محاسب على ألفاظه حيث يقول تعالى : (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، والكلمة الصادرة من لسان الإنسان قد تؤدي به إلى الهلاك، وقد ترفعه إلى درجات عالية، ويؤثر المسلم الصمت والسكوت على الوقوع في الأخطاء والمحظور ، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم قال) : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت أو يصمت"، فالحافظ للسانه طريقة إلى الجنة ، ومن صفات المسلمين أن يحفظوا ألسنتهم ، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال : "قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده"، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة"، والمتأمل إلى ما يصدر من اللسان من أقوال نهى الله عنها يجدها من الكبائر والذنوب التي لا تغتفر إلا برد ما سببته من سلب للحقوق والمظالم مع طلب العفو والمغفرة من أصحابها وبالتوبة النصوح إلى رب العالمين ، فقول الله تعالى : (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكر للذاكرين)، قال العلماء : "إنما ذلك في الصغائر من الذنوب ، ونجد أن الله تعالى يشنع على آفات اللسان ، فمثلاً : شهادة الزور وهي إخبار المرء بالباطل والكذب والبهتان والافتراء، حذر الله تعالى منها ويبين عظم هذه المعصية والذنب وذلك بقوله سبحانه : (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)، وجعل الله النهي عن شهادة الزور مرتبطاً بالنهي عن الشرك والعياذ بالله حيث يقول تعالى : " فاجتنبوا الرجس من الأوثان (واجتنبوا قول الزور)، كما وامتدح الله المسلمين الذين يجتنبون البهتان والافتراء على الآخرين وذلك بقوله سبحانه : (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً …)، ويبين النبي (صلى الله عليه وسلم) عظم هذه المعصية لما يترتب عليها من سلب حقوق الآخرين وقهر النفس التي يشهد عليها وذلك في الحديث الذي رواه أبو بكر رضي الله عنه قاتل : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله قال : الاشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زل يكررها حتى قلنا ليته يسكت"، والغيبة والكذب تصدران عن اللسان وفيهما من الآثار السيئة على المجتمعات، فذكر المرء لأخيه بما يكره غيبة حتى ولو كانت الصفة المذكورة في المغتاب، لأن هذه الغيبة تؤدي إلى إيقاظ كوامن النفس من كراهية وعداء يؤدي إلى التشاحن والتقاطع والتنافر ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول :

"المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ، كل المسلم على المسلم حرام ، عرضه ، وماله ، ودمه ، التقوى ها هنا ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" وجاء في الحديث : "لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإن من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته" والكذب جعله النبي (صلى الله عليه وسلم) من حضال النفاق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من خصال النفاق حتى يدعها : إذا أوتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر".

وإذا كانت هذه الآفات اللسانية فيها وعيد بالعذاب يوم القيامة ، فمنها ما فيه حد دنيوي عقوبة دنيوية يقيمها الإمام المسلم وهي القذف أي الرمي بالفاحشة فالله تعالى يقول والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة … ) . وفي الختام / إذا تعودنا في شهر الصيام السلوك القويم وحفظنا ألسنتنا فلنحافظ على هذا السلوك لنفوز بخير الآخرة ولنجنب أنفسنا من العقوبة ولنعمل على بناء مجتمع آمن متحاب يسوده حفظ أعراض كافة المسلمين . هذا والله ولي التوفيق .

نسال الله ان يبلغنا رمضان ويعيينا على صيامه وقيامه
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
بارك الله فيك اخي

جزاكِ الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك

» حفظ اللســان--شرور اللسان
» امساكيه شهر رمضان 1431 امساكيه رمضان 2010
» "".. من اللسان الى الانسان .."
» حدث في 12 رمضان
» حدث في 13 رمضان