ابو البراء عــــنـــــــانـــــــي مشــــــرف
عدد المساهمات : 1045 النقاط : 1771 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 الموقع : USA نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: بين فتنتين 2010-07-19, 16:09 | |
| الدجال هو الفتنة الكبرى التي وُعِدت بها البشرية منذ الأزل.. فقد حذّر منه أبو البشرية الثاني نوح- عليه السلام- قومه وذريته من بعده، وتتابع الأنبياء والرسل والمصلحون في التحذير من الدجال؛ فلم يتركوا شاردة ولا واردة من أمره إلاّ وذكروا منها علماً؛ حتى كشفوا ما يُغَلِّف هذه الباقعة من غموض؛ ليأتي النبيُّ الخاتمُ محمد -صلى الله عليه وسلم- ليصوغ هذا التحذير صياغة تجعله كرؤيا عين، لا تقبل لبساً أو تدليساً؛ لأنه أدرك -وهو المُعلَّم من ربه- أن أمته هي آخر الأمم، والدجال واقع فيها ولا ريب؛ فكانت التبعة في حقه أعظم -صلى الله عليه وسلم- ، ولا ريب أنه -بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم- - بلّغ البلاغ المبين، وترك الأمة على محجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاّ هالك. ولو نظرتَ في بلاغ النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الشخصية الفاتنة التي تتربص بالبشرية؛ لوجدتَه مقالاً قد حُفّ بالعصمة، حيث صوَّر فيه الفتنة ومشعلَها غاية التصوير مكاناً وزماناً وشخصاً؛ بل إن الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم- يبين لأمته أن هذا الدجال الأكبر مكتوب على جبينه ما يُنَفِّرُ منه ومن دعوته، حيث سُطِّرَ عليه كلمة كافر مفرقةَ الحروف، والإعجاز يأتي من قراءة هذه الكلمة من كل أحد قارئاً كان أو أمياً لا يحسنها. عندما تدرك ذلك يأخذك العجب وأنت ترى الفئام بل الغالبية العظمى من البشرية ينساقون وراء هذه الفتنة العمياء؛ فتراهم زرافات ووحداناً جنداً وأتباعاً للمسيح الدجال، بل إن الرجل العالم المدرك لهذه الفتنة ليأتي إلى أهل بيته فيوثقهم لئلاّ يلحقوا بركاب الدجال. إن فُتِنَتِ البشرية بالدجال؛ فلفتنتها ما يسوّغها مما يمخرق عليها الدجال من أعاجيب، وكل ذلك ولا ريب لا أصل ولا رصيد له من الواقع إنما هو التمويه والدجل، ولكل من اسمه نصيبٌ كما قيل، وكما قلت سالفاً فالخلق -إلاّ من رحم الله- على شيء عظيم من السَّفَاهة وخواءٍ في الروح تتكسر معه الكثير من القيم. فالبشرية في سبيل إروائه تضحي ولو بالمسلمات من معتقداتها، وفي الحاضر القريب ما يغنيك عن الغائب البعيد، وهو ولا ريب جد قريب. فأنت تخالط الناس وتطَّلِع على كثير من أمورهم؛ فتعرف منهم وتنكر، وما أنكرت أضعاف ما قد عرفت.. فأنت ترى انفتاح العالم على مصراعيه إعلامياً؛ فقرَّب ما كان بعيداً؛ فأحال العالم كما قيل إلى قرية صغيرة يُدرك ما يحدث بين جنباتها ساعة وقوعه؛ فأحال بفتنته الكثير من القيم والعادات بل والأديانَ إلى هباء، وأصبح يقذف بالشرر، وبمرور الأيام أضحى ما كان من تأثر يُدَار على استحياء ظاهراً بل ويُفاخَر به بين البشر، ومن يقف له يوصف من قِبَل من انتجعوا هذه الفتنة بأقذع الأوصاف، فهو جامد على العادات البالية والأوهام والخرافات، ويريد أن يعيد البشرية إلى عصور التخلف والجمود في قائمة لا تكاد تنتهي من الاتهامات. ولو ذهبنا نستعرض فتن الإعلام في النفوس لطال بنا المقام ولمَّا نأت على عُشره، ولكن هنا أمر أحدثه الإعلام، وهو أنه استبدل الرموز التي كانت تتنادى الأمة بمحاكاتها برموز أخرى، فبعد أن كانت رموزنا التي نشأنا عليها تنادي بكل خلق كريم، وبكل صفة حسنة، اختط لنا الإعلام بفتنته العمياء رموزاً أخرى تَنضح بالفسوق والعربدة وكل خلق دنيء، وأضحى من يتمثل هذه المثل والرموز هو المُقدم على غيره، ومن تنكّبها واطَّرحها هو المتخلف، ولا نصيب له في السعادة في عالم المفتونين؛ لأنها أضحت -كما يظنون- تمر عبر بوابة رموز الإعلام الساقطة، فذوات الخدور يرغبن في زوج يشبه فلاناً في وسامته، ومن كانت ذاتَ قرين تلحّ عليه في أن يصوغ هيئته على صورة معشوقها، وبعضهن تجاهر فتتمنى ولو لحظات مع معشوق الجماهير ذلك.. والذكور ليسوا دون الإناث في هذه العربدة، بل ربما كانوا أكثر جرأة منهن؛ فتجد منهم من جعل صورة فاتنة الجماهير عنواناً للباسه، مجاهراً بذلك لا يردعه حياء ولا دين..
وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل من فتن بهذه القذارة قادر على الصمود أمام مغريات الدجال وفتنه المتلاحقة المترادفة؟ أما من بدل نعمة الله كفراً، وأحل قومه دار البوار ممن بيده ناصية الإعلام؛ فقد كان نظره قاصراً على تحصيل المنفعة المادية، وتحقيق أكبر كسب مادي، ضارباً عرض الحائط بكل قيم المجتمع وعاداته وتقاليده. وهؤلاء -أعني المترفين ملاك القنوات الفضائية- ينضوون تحت تأصيلات العولمة الاقتصادية، وهي لمن تابع سيرها يلحظ أنها تحطم كل عائق يحول دونها ودون المال، ولو كان ديناً منزلاً من ربها، فهدفها المال ثم المال ثم المال، ولا يعنيها غير المال، ولا خير في مال أورد صاحبه النار. ومع قرب الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك يعدون العدة من أجل هذا، وكلهم عزم على تبديد ما اكتسب الناس من حسنات؛ فترى كماً هائلاً من المسلسلات ومن البرامج الساقطة يُعلن عنها؛ لكي تُعرض في هذا الشهر الكريم.. وهنا يدركك العجب من هذا التناوب بين شياطين الجن والإنس في الصد عن سبيل الله، وإيراد العباد إلى دار البوار، فبعد أن بطل كيد شياطين الجن بدخول شهر رمضان، أخذ الراية شياطين الإنس، ولا ريب أن كيد شياطين الإنس أقوى من كيد شياطين الجن، وهذا يذكرنا بقول ذلك الشيطان المريد:
وكنتُ امرأً من جُندِ إبليس فارتمى بي الحالُ حتى صارَ إبليسُ من جندي
فإبليس -لعنه الله- لولا مكر شياطين الإنس لما حقق شيئاً من مراده، ولله في ذلك الحكمة البالغة. وهنا لا بد لنا من وقفة نعرض فيها لحالنا وما يراد لنا؛ فنستدرك ما فرطنا في جنب الله؛ فنستبدل المعصية بالطاعة، والإعراض باللجوء والإنابة، ونسأل الله أن يحفظنا من كيد شياطين الجن والإنس، وألاّ يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.. والحق سبحانه إن علم صدق العبد أعانه وكفاه وآواه.. أيام قلائل تفصلكم عن الشهر الكريم، شهر القرآن والبركات؛ فكونوا على عزم على قضاء حق هذا الشهر، فأحسنوا جواره، والله نسأل أن يبلغنا رمضان، وأن يتقبله منا عملاً صالحاً إنه جواد كريم. | |
|
صقر البلد المراقب العام
عدد المساهمات : 2898 النقاط : 2949 تاريخ التسجيل : 20/01/2010 العمر : 54 الموقع : بين الناس على الارض نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: رد: بين فتنتين 2010-07-20, 02:46 | |
| بارك الله فيك على هذه الموضوع | |
|
omer abedallah عــنـــانــــي نــشــيــط
عدد المساهمات : 245 النقاط : 246 تاريخ التسجيل : 04/02/2010 نشاط العضو :
| موضوع: رد: بين فتنتين 2010-07-20, 12:03 | |
| | |
|