الهزات الأرضية تهدد وجود مدن كبرى في العالم

مصير خمس مدن كبيرة في العالم على كف عفريت» هذا ما يقوله علماء الجيولوجيا، الذين اختبروا على مدى السنوات القليلة الماضية طبقات التربة في تلك المدن، وراجعوا تاريخ الهزات التي ضربتها منذ اقدم الازمان والى الان، وتوصلوا الى افتراضات علمية دقيقة تطلب منهم دق ناقوس الخطر الذي يهدد مصير ملايين البشر من سكان تلك المدن، عسى ان تلتفت الجهات الدولية المعنية الى حجم الكوارث القادمة، وتسعى الى تأمين مستلزمات حماية ارواح البشر وممتلكاتهم، فيما اذا بدأت التحرك الفعلي قبل فوات الاوان.

الجزر اليابانية في نقطة الخطر
ترشح الأوساط العلمية المعنية، الجزر اليابانية كمنطقة ثانية تهددها أعاصير «التسونامي» و«الهزات الأرضية» في آن واحد.
وحسب هذه الأوساط، فإن الضربة المقبلة ستكون في العاصمة «طوكيو» وستحدث في السنوات من 2060/2010، والسبب طبعاً هو الانحرافات الحادة في طبقات التربة.
وكانت آخر هزة أرضية أصابت مناطق واسعة من اليابان، قد حدثت في 11 أيلول عام 2009.
ويؤكد العلماء بأن أربعة جزر يابانية تجثم حالياً على لغم أرضي مؤقت، قد ينفجر في أي لحظة قادمة، لأنه يقع على حافة ثلاث طبقات سريعة الحركة والانزلاق.
وبالنسبة لليابان، فإن تاريخ الهزات الأرضية أصبح أكثر وضوحاً بفضل التجارب التاريخية المتعاقبة، حيث يقول العلماء إن هذه الهزات تحدث كل مائة عام تقريباً وبدرجات مختلفة، إضافة إلى الأعوام التي تتعرض فيها الجزر اليابانية إلى أعاصير «تسونامي» التي في كثير من الأحيان ترافق حدوث هذه الهزات.
وتمثل اليابان نسبة «الخمس» من مجموع الهزات التي تضرب العالم، وهي نسبة متقدمة، أما قوة هذه الهزات في بعض الأحيان فتزيد على الست درجات حسب مقياس ريختر.

الخوف من كارثة المفاعلات الذرية
اليابانيون يعرفون ما ينتظرهم من كوارث، فناطحات السحاب عندهم أخذت تجيد رقصة «الترنح» مع اندلاع أي هزة أرضية، أما بيوتهم المنخفضة، فهي الأخرى، قد تلاشت كلياً عن النظر في أكثر الهزات التي ضربت اليابان، وتطايرت مع هذه البيوت معدات العوائل المنزلية، وتشرد الآلاف وربما الملايين من سكان هذه الجزر في العراء أو المناطق النائية.
كانت هذه الهزات تسبب في أحيان كثيرة هيجان أمواج البحر، حيث بلغ طول الموجة الواحدة نحو 15 قدماً، في حين ان آخر هزة أرضية قتلت نحو 70 ألف مواطن ياباني.
بيد ان أخطر التهديدات التي تواجه اليابان هي التهديدات التي ترتبط بمواقع المفاعلات الذرية المولدة للطاقة الكهربائية في منطقة Hamaoka.
ويوجد في اليابان نحو 50 مفاعلاً نووياً، وحسب العلماء فإن احتمالات وصول مخاطر الهزات الأرضية إلى أرض المفاعلات، مسألة واردة جداً.
ففي تموز من عام 2007، حدث حريق هائل في مفاعل «كاشنازاكي - كارينا» بسبب هزة أرضية ضربت المنطقة وكانت قوتها 6.8 درجات حسب مقياس ريختر.
وبسبب هذه الهزة نشب حريق واسع في أحد مواقع المفاعل، وفي لحظتها انتشر الرعب بين السكان، ولكن السلطات المعنية أعلنت عدم وجود خطر لتسرب الإشعاعات النووية، مما طمأن الناس قليلاً، ولكن فيما بعد، تبين ان الإشعاعات قد تسربت إلى المياه في المفاعل.
وحسب العلماء، فإن احتمال تعرض طوكيو إلى هزة أرضية خلال الخمسين عاماً القادمة أمر وارد جدا وربما يصل هذا الاحتمال إلى 90 في المائة.

لوس انجلوس في المقدمة
تشير معلومات العلماء الى ان تربة «لوس انجلوس» من النوع المتحرك فطبقات هذه التربة تشهد انجرافات مفاجئة وسريعة، والعام المفترض لحدوث الهزة الارضية في هذه المدينة هو 2010 ــ2015 وهو اقرب افتراض قياسا الى المدن الاميركية الاخرى.
وكان الاهتزاز الكبير الذي ضرب هذه المدينة قد حدث في 15 نيسان عام 2009 وعلى ضوء ذلك قام العلماء بتحليل مكثف لطبقات التربة ودراسة امكانات حدوث الهزة المقبلة، وتوصلوا الى التاريخ التقريبي الذي يهدد بالانفجار.
كانت آخر هزة ضربت المدينة قد حدثت في عام 1994 وكانت قوتها بدرجة 6،7 حسب مقياس ريختر.
وقد تركزت تلك القوة في الجزء الذي يدعى بــ «Northridge» وقد بلغ عدد الموتى 75 شخصا في حين بلغ عدد الجرحى حوالي 9 آلاف جريح. وقدر مجموع الخسائر المادية بــ 20 مليار دولار فيما بلغ عدد الاشخاص الذين فقدوا مساكنهم بــ 20 الف شخصا اضافة الى 3 ملايين شخص عانوا من انقطاع التيار الكهربائي عدا الخسائر الاخرى التي شملت تحطم 9 جسور مرتبطة بخطوط المواصلات السريعة، وانفجار 250 انبوبا للطاقة، بما في ذلك انابيب النفط التي تمر بالمدينة، ومن لحظتها عاشت المدينة تحت غيمة واسعة من الدخان الكثيف والحرائق.

150 عاما من الهدوء الإيجابي
يخمن العلماء حجم الكارثة التي ستسببها الهزة الارضية المقبلة بارتفاع كبير في عدد الضحايا من البشر.
وحسب هؤلاء العلماء فإن هذه المدينة تتعرض على اقل تقدير الى الهزات الارضية الكبيرة والمدمرة كل 150 عاما، وآخرها كان في عام 1857 حين تعرضت المدينة الى واحدة من هذه الهزات التي بلغت قوتها 8 درجات حسب مقياس ريختر اي انها حدثت تقريبا قبل 150 عاما. وفي ذلك الحين لم يكن سكان المدينة بهذا الحجم التي هي عليه الان، فقد كان عددهم لا يزيد عن ألفي نسمة فقط، وقد دمرت منازلهم تدميرا شبه كامل، ولم تعلن السلطات المحلية في حينها عن حجم الخسائر الفعلية.
اما اليوم فيعيش في هذه المدينة نحو 3،8 ملايين نسمة، في مساحة تبلغ 4320 كيلو مترا مربعا وهي من حيث الحجم تعتبر ثاني اكبر المدن الاميركية، اما على صعيد العالم فتحتل موقع المدينة الــ 45.

سومطرة تحت رحمة القدر
اندونيسيا، من البلدان التي عاشت فترات عصيبة حينما ضربتها سلسلة من الهزات التي ترافقت مع اعاصير التسونامي وفي اعوام مختلفة.
ويعتقد العلماء ان التاريخ المرشح لحدوث الهزة المقبلة في اندونيسيا هو عام 2010، حيث تتأثر هذه البلاد بانقلابات طبقات التربة في قعر المحيط الهادي والتي تمتد الى المناطق الاندونيسية، وكانت آخر هزة أرضية قد حدثت في العام الماضي.
وتعاني اندونيسيا من تعاقب اعاصير التسونامي في احيان كثيرة.
ففي 26 ديسمبر عام 2004 ضربت امواج التسونامي القادمة من المحيط اجزاء واسعة من بلدان جنوب شرقي آسيا، وقتلت نحو 230 الف إنسان.
ان امواج التسونامي التي حدثت بفعل الهزات الارضية انطلقت بقوة قدرها 9.3 درجات حسب مقياس ريختر وضربت سواحل سومطرة.
واخر هزة حدثت في المنطقة كانت بقوة 7.6 درجات حسب مقياس ريختر وتاريخ حدوثها هو 30 ايلول 2009، وبعد يوم من هذا التاريخ حدثت هزة ارضية اخرى في وسط البلاد.

الناس في علبة
حسب الإحصاءات العلمية، فإن اليابان تتعرض سنويا الى 1500 هزة ارضية بمستويات مختلفة.
ففي طوكيو وحدها، فإن عدد الهزات التي تحدث يتراوح بين 40 - 50 هزة سنويا.
وهذه المدينة كما يشير البعض تشبه علبة السردين، لانها مدينة تضم نحو 13 مليون نسمة، يعيشون في بقعة لا تتجاوز مساحتها 2190 كيلومترا مربعا.
وكما تشير الدراسات، فإن تعرض طوكيو الى هزة مقبلة، ستؤدي الى موت ما لا يقل عن 65 ألف شخص في بداية حدوثها، على اقل تقدير.
والمعروف للجميع ان طوكيو تشكل بورصة الاسواق العالمية، وان اي كارثة بهذا المستوى، لا بد ان تؤثر سلبا على اسواق العالم وتؤدي الى فوضى في الاقتصاد العالمي.
أما تقديرات الخسائر، فستكون اكبر بكثير من حجم الخسائر التي احدثتها هزة 1923.

طهران لا تتعظ
من المدن الاخرى المرشحة لحدوث العديد من الهزات الارضية الكبيرة، العاصمة الايرانية «طهران»، ويحدد العلماء زمن حدوث هذه الهزات بين الاعوام 2010 - 2020.
وكانت آخر الهزات الكبيرة التي ضربت طهران قد حدثت عام 1830.
وحسب العلماء، فإن نسبة الارض المتحركة والقابلة للانحراف تشكل 90 في المائة من تربة ايران.
وتضم «طهران» نحو 12 مليون نسمة، وتشهد حركة معمار واسعة، لكنها لا تتعظ ولا تأخذ بنظر الاعتبار الاحتمالات المترتبة عن حدوث الهزات الارضية على البناء، لذلك يمكن، بسبب عدم وجود الاحترازات المطلوبة، ارتفاع حجم الخسائر البشرية والمادية في المدينة.
فالكثير من العوائل تعيش في بيوت مبنية من الكونكريت، ولكنها بنيت بأساسات ضعيفة لا تتحمل الهزات القوية، ولهذا السبب يقدر العلماء جزءا من هذه الخسائر فيما اذا ضربت هزة ارضية بقوة 7 درجات حسب مقياس ريختر العاصمة طهران بتدمير حوالي 90 في المائة من مستشفياتها، وبذلك سيرتفع حجم الاموات والمصابين لعدم توفر المستشفيات البديلة.
والدليل على ذلك، الهزة الارضية التي ضربت مدينة «بام» الايرانية في 26 ديسمبر 2003، والتي بلغت قوتها 6.8 درجات حسب مقياس ريختر، فقتلت 30 ألف شخص، ولكن ايضا اذا قدر لطهران ان تتعرض الى مثل هذه الهزة، فإن مستوى الخسائر البشرية والمادية سيفوق هذا العدد كثيرا.

مدن كندية على اللائحة
المنطقة الخامسة والاخيرة المرشحة لحدوث هزات ارضية بالغة الخطورة فيها، هي المنطقة الواقعة بين شمال الولايات المتحدة وجنوب كندا، والتي يقدر ان تشهد مثل هذه الهزات بين الاعوم من 2300-2010.
ويشير العلماء الى ان انحرافات طبقات التربة في المحيط الهادئ تحدث عادة في المنطقة التي تبعد عن الولايات الاميركية (اوريغون) بنحو 1000 كيلو متر، ثم تمتد الى شمال جزيرة فانكوفر الكندية.
ويعتقد سكان المنطقة ان معظم الهزات الارضية الكبيرة ربما تحدث في مناطق جارتهم الجنوبية «كاليفورنيا» الا ان العلماء يؤكدون بان هذا التقدير خاطئ، فالهزات الارضية ربما تحدث في أي منطقة من العالم طبقا لظروف التربة.
وآخر هزة ارضية من العيار الكبير ضربت المنطقة عام 1700، وكانت قوتها بدرجة 9.2 حسب مقياس ريختر، وقد وصلت امواج التسونامي المرافقة لهذه الهزة الى سواحل اليابان.
ويعتقد الخبراء بان الهزات الارضية في المناطق الكندية تحدث كل 500 عام، وعادة يرافقها اعصار التسونامي.
ويحذر العلماء بان الكارثة المقبلة ربما ستحدث حتى عام 2300، وقد تضرب ابرز المدن الكبيرة مثل سياتل وبورتلاند وفانكوفر او المدن الصغيرة مثل فكتوريا وغيرها.