| التصورات السياسية حول القدس | |
|
+5amera e3nane العناني محمد دجاسر العناني 9 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
دجاسر العناني شخصية مهمة
عدد المساهمات : 359 النقاط : 444 تاريخ التسجيل : 09/02/2010 العمر : 71 الموقع : عمان /الاردن نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-22, 22:58 | |
| قرارات هيئة الأمم المتحدة والتصورات السياسية لأطراف النزاع حول القدس لم يُعرف في تاريخ المفاوضات الدولية مكاناً بلغت حساسيته الدينية والسياسية مثل مدينة القدس، فكلما اقترب الطرفان المتنازعات على هذه المدينة بدت جميع المسائل التفاوضية التي تلهيا صعبة ومعقدة، وذلك لأن هذه المدينة بطبيعتها السياسية وموقعها الديني وحتى الجغرافي تمثل مفتاح الحل لجميع القضايا التي يتنازعها الطرفان ومن يملك السيطرة عليها ستكون له السيطرة على سائر الإقليم، حتى أن هذه السيطرة تمتد إلى ما يجاورها من أقاليم أخرى.
وفي المفاوضات التي دارت بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مدينة اوسلو، وصل التباحث حول القدس إلى طريق مسدود، وكان لكل طرف من الأطراف أسبابه لتأجيل موضوع القدس إلى مفاوضات المرحلة النهائية. وذلك حرصاً من كل طرفٍ من الأطراف على تحسين موقفه التفاوضي ليكسب المزيد من النقاط الداعمة في سبيل الاستئثار بالسيادة الكاملة على المدينة فمن وجهة النظر الإسرائيلية التي ترى تقاسم خدماتي فقط مع الفلسطينيين، والتضييق عليهم لدفعهم إلى ترك منازلهم والهجرة وإحلال المستوطنين اليهود فيها لجعل التوازن الديمغرافي دائما لصالح إسرائيل في المدينة.
والفلسطينيون يرون أن القطاع الشرقي من المدينة سيكون عاصمة لهم وهو القطاع الذي يحتوي على جميع المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وأمام هذين التصورين تكمن المشكلة لأن الجانب الإسرائيلي يرى من ناحية سياسية ومن ناحية دينية استحالة هذا التقسيم الذي يجزئ سيادتهم الكاملة على المدينة. وبعد أن دخلت القوات البريطانية مدينة القدس بقيادة (اللنبي) بتاريخ (11/12/1917) اجتمع الحلفاء في مؤتمر (سان ريمو) (1920) وقرروا انتداب بريطانيا لإدارة شؤون فلسطين، وبدأت بريطانيا بتنفيذ الشق الثاني من وثيقة الانتداب، والذي يقضي بأن تكون بريطانيا مسؤولة عن تهيئة الأجواء والظروف السياسية والاقتصادية والإدارية التي تمهد لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين مع الأخذ بعين الاعتبار حقوق سكان فلسطين من جميع الأعراق والأديان المدنية والدينية دون تمييز([1]) وفي (29 تشرين ثاني 1947) اتخذت الأمم المتحدة أول قرارٍ لها بخصوص القضية الفلسطينية. والذي تضمن أول تصور لحل مشكلة القدس، وهو القرار رقم (181) الذي عرف بقرار التقسيم حيث يدعو هذا القرار إلى: تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وإقامة كيان منفصل لمدينة القدس وضواحيها، ويخضع لنظام دولي خاص يديره مجلس وصاية بالنيابة عن الأمم المتحدة.
ورفض العرب جميعاً والفلسطينيون على وجه الخصوص هذا القرار ورأوا فيه اعتداءً على حقوقهم واغتصاباً لها.
في حين وافق عليه اليهود في رؤية منهم أن هذا القرار هو مرحلة أولى في إقامة دولتهم على جزء من فلسطين ناهيك عن أنه يعتبر أول إقرار دولي بوجود كيان سياسي (دولة) لليهود في هذا الجزء من فلسطين وفي يوم (15/12/1949) أعلن (ديفيد بن غوريون) رئيس حكومة إسرائيل آنذاك أن القدس هي جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل وهي غير قابلة للتجزئة أو التقسيم. وفي يوم (13/12/1949) أعلن (الكنيست الإسرائيلي) أن القدس
عاصمة إسرائيل، وبعد ذلك تم نقل مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى القدس، وعقدت (الكنيست) أولى جلساتها في القدس بتاريخ (26/12/1949).
ومنذ عام (1948) تعرضت مؤسسات الأمم المتحدة إلى مشكلة القدس مرات عديدة، فقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يحمل الرقم (185) صادر بتاريخ (6/5/1948) والذي يدعو إلى تعيين مندوب خاص للقدس، وتم فعلاً تعيين هذا المندوب. ولكنه لم يستطع أن يمارس مهماته([2]) وكذلك دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى وضع المدينة تحت إشراف الأمم المتحدة في قرارها رقم (194) (3) الذي صدر بتاريخ (11/12/1948) وصادقت مرة أخرى على فكرة تدويل المدينة التي تضمنها قرار التقسيم السابق وذلك في قرار الجمعية العامة رقم (303)(4) بتاريخ (9/12/1949) وصدرت قرارات متعددة بعد هذه القرارات عن الجمعية العامة ومجلس الأمن ومجلس الوصاية([3]).
وكانت جميع هذه القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن مدينة القدس تتناول القدس بشكل متكامل (بشقيها الشرقي والغربي) حيث أصبح فيما بعد الشق الغربي تحت الاحتلال الإسرائيلي والشق الشرقي تحت الحكم الأردني.
وشكلت حرب حزيران عام (1967) نقطة تحول كبيرة في نظرة الأمم المتحدة، وكذلك دول العالم بشكل عام إلى حقوق العرب والمسلمين في هذه المدينة، وانتقل الحديث إلى آثار حرب عام (1967) وأصبح الشطر الغربي من المدينة كأنه في حكم المسلمات التي لا يجوز الحديث فيها أو إخضاعه إلى أي مفاوضات أو قرارات دولية.
وسارعت إسرائيل كعادتها في تغيير واقع المدينة (الشطر الشرقي) بمجموعة إجراءات تهدف إلى ضم المدينة وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية.
وفي دورتها الاستثنائية يوم ( 4/7/1967) تبنـت الجمعيـة العامـة
للأمم المتحدة القرار رقم (2253) الذي عبر عن الأسف الشديد للإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير وضع المدينة ومكانتها، واعتبر جميع هذه الإجراءات لاغية ودعا إسرائيل إلى إلغاء هذه الإجراءات.
وكررت الجمعية العامة قرارها السابق في القرار رقم (2254) في يوم (14/7/1967).
وكما أسلفنا فإن عشرات القرارات صدرت عن الجمعية العامة ومجلس الأمن فيما يتعلق بمدينة القدس، وكان فحوى هذه القرارات يبرز مجموعة من النقاط أهمها:
أ- أن إسرائيل هي قوة احتلال.
ب- أن (الضفة الغربية والقدس وغزة) هي أراضي محتلة نتيجة حرب عام (1967) ويجب على إسرائيل أن تخليها فوراً.
ج- إعلان إسرائيل للقدس عاصمة لها وضمها بموجب ما يسمى (بالقانون الأساسي الصادر (1980م) لاغٍ وباطل ويجب إلغاءه فوراً.
د- أي تغيير في الوضع المادي والجغرافي والقانوني والإداري لمدينة القدس وجميع الإجراءات التي تستهدف هذه التغييرات تعتبر باطلة ولاغيه وكأنها لم تكن([4]).
بعد هذا الإيجاز للتصورات السياسية حول مشكلة القدس من الأطراف المختلفة حولها فإننا سنحاول تبيان الطروحات المختلفة حول تسوية مشكلة القدس.
طروحات الأطراف المختلفة حول القدس:
مازالت القوة العسكرية تسيطر على الذهنية الإسرائيلية وذلك يرجع إلى التكوين البنيوي لهذه (الدولة) من حيث النشأة والأهداف التي وجدت من أجلها، فهي دولة يديرها ويسيطر عليها (العسكر) ومؤسسة عسكرية تدير دولة وتخضع جميع مقدرات هذه (الدولة) لخدمة هذه المؤسسة العسكرية
ومن هنا نخلص إلى حقيقة من الصعب القبول بها (وهي أن في إسرائيل مجتمع مدني ديمقراطي) وهي واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط وما إلى ذلك من شعارات تحاول إسرائيل تسويقها في العالم. فأين هو المجتمع المدني؟ الذي يحتفظ جميع أفراده بأسلحتهم في بيوتهم ومتاجرهم ومدارسهم ويعتبرون جيشاً احتياطياً يمكن استدعاؤه للالتحاق بثكناته العسكرية في ساعات معدودة.
وهذه "الدولة المعسكر" التي تمتلك القوة التكنولوجية العسكرية وتتفوق بها على جيرانها العرب، فهي تخاطبهم من هذا المنظور وبهذه الذهنية رغم توقيع الاتفاقيات – اتفاقيات السلام – بينها وبين العرب الذين يحاولون استرضاء هذه الدولة لإدراكهم أنها تتفوق عليهم عسكرياً ويراهنون كثيراً على الموقف الدولي وخصوصاً الدول الأوروبية لتثبيت بعض الحقوق العربية، والتقاسم لبعض الحقوق الأخرى، إلا أن إسرائيل والتي تسيطر القوة على الذهنية الجمعية فيها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين تعلن بكل وضوح أن القدس عاصمة موحدة (لدولة إسرائيل)، ولا يختلفون في ذلك أبداً، وإنما هناك تفاوت في فهم القبول لوجود إداري وديني وخدماتي للعرب في المدينة.
وكما أسلفنا سنحاول في هذا الفصل استجلاء الطروحات والمواقف المختلفة للأطراف المعنية بشكل مباشر حيال هذه المشكلة والتفاوض حولها:
-موقف الأمم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي، وقراراتها التي يطلق عليها مفهوم (الشرعية الدولية).
-الموقف الفلسطيني (الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني).
- الموقف الإسرائيلي والذي تمثله "حكومة إسرائيل".
- الموقف الأردني، والذي يتماثل مع الموقف العربي.
- الموقف الأمريكي، والموقف الأوروبي، ثم موقف الفاتيكان التي (تمثل المرجع الروحي للمسيحيين).
أولاً: موقف الأمم المتحدة:
يبرز موقف الأمم المتحدة من القضية الفلسطينية بشكل عام ومدينة القدس بشكل خاص من خلال القرارات والتوصيات التي اتخذتها هذه المنظمة الدولية بخصوص القضية الفلسطينية التي تمثل فيها مدينة القدس لب الصراع. وبعد صدور "وعد بلفور" الذي كان أول خطوة عملية نحو التدخل الدولي في القضية الفلسطينية، بعد أن أعطت بريطانيا لنفسها الحق في أن تصبح طرفاً مباشراً في هذه القضية، ثم اتخذت هذه القضية طابعاً عالمياً بعد أن فوضت عصبة الأمم بريطانيا بالانتداب على فلسطين بموجب صك الانتداب الذي أعلن مشروعه من قبل عصبة الأمم المتحدة بتاريخ 6 تموز 1921م. وصودق عليه في 24 تموز 1922م، ووضع موضع التنفيذ في 29 أيلول 1923م([5]).
وقد نشطت السلطات البريطانية- بصفتها سلطات انتداب- في التهيئة والإعداد لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ومن هنا بدأ الصراع بين الحركة الصهيونية وقوى الاستعمار الغربي من ناحية وبين حركة التحرر الوطني الفلسطيني وقوى التحرر العربي والإسلامي من ناحية أخرى.
وقد برز الطابع الدولي لقضية القدس بوضوح في جميع المراحل التي مرت بها هذه القضية، وخصوصاً بعد صدور قرار التقسيم رقم 181 الذي صدر في29 تشرين الثاني عام 1947م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي أعطى لمدينة القدس كيان منفصل تتولى الأمم المتحدة إدارته بموجب نظام دولي خاص. وبعد ذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين يؤكدان تدويل مدينة القدس بعد قيام (دولة إسرائيل) كان القرار الأول في 11 كانون الأول عام 1948م وحمل الرقم 194، وكان من أحد نصوص هذا القرار " أن تتمتع القدس بمعاملة خاصة وأن توضع تحت الرقابة الفعلية للأمم المتحدة ".
أما القرار الثاني والذي يحمل الرقم 303 والذي أصدرته الجمعية العامة بتاريخ 9 كانون أول 1949م أكد على "وجوب قيام مجلس وصاية بإدارة المدينة، وعلى ضرورة وضع نظام دائم يجد الضمانات الملائمة لحماية الأماكن المقدسة داخل القدس وخارجها" وفي 5 نيسان 1950م، أقر مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة الصيغة النهائية للنظام الخاص بمدينة القدس داعياً كلاً من الأردن وإسرائيل إلى التعاون من أجل تنفيذ هذا النظام.
إلا أن (إسرائيل) كانت قد أصدرت في 11 كانون أول عام 1949م، قراراً يجعل القدس عاصمة رسمية لإسرائيل بدلاً من تل أبيب.
وأعلنت الحكومة الأردنية في 24 نيسان 1950م بعد موافقة البرلمان وتصديق الملك عبد الأول بن الحسين، ومؤتمر أريحا الشعبي الذي طالب فيه الفلسطينيون بانضمامهم إلى الأردن الوحدة بين الضفتين وضم الضفة الغربية بما فيها القدس القديمة إلى المملكة الأردنية الهاشمية. واعتبرها الأردن خاضعة لسيادته الإقليمية شأنها شأن باقي أراضي المملكة في الضفتين وبعد هذه التطورات من جانب كل من إسرائيل والأردن، عرضت قضية القدس على الجمعية العام للأمم المتحدة ونوقش مشروع التدويل، ولكن الجمعية العامة لم تصل إلى قرار، وبذلك بقي موضوع تدويل المدينة ونظامها الخاص معطلاً دون تنفيذ.
خلاصة القول أن (إسرائيل) باحتلالها الشطر الغربي من القدس عام 1948م والشطر الشرقي عام 1967م، وإعلانها عاصمة موحدة وأبدية "لدولة إسرائيل"، رغم صدور 25 قرار عن الجمعية العامة، وما لا يقل عـن 10 قرارات من مجلس الأمن، و 13 قرار من منظمة اليونسكو كل هذه القرارات تؤكد الوضع القانوني للمدينة ولا تجيز أي تغيير فيها، وتعتبرها أرضاً محتلة شأنها شأن باقي الأراضي العربية المحتلة، وأن ضمها وجعلها عاصمة موحدة لإسرائيل أمر باطل ولا ينتج أي أثر يغير من وضع المدينة القانوني، بالإضافة إلى مجموعة من القرارات … حتى يومنا هذا تؤكد نفس المعنى. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ما هي فائدة هذه القرارات؟ التي لم تغير على أرض الواقع شيئاً يذكر، وإسرائيل ماضية في غيها لا تقيم وزناً لهذه القرارات ولا للمنظمة الدولية التي أصدرتها واعتقد أن ما يقارب قرناً من الزمان مدة أكثر من كافيه ليقف أصحاب الحق من العرب والمسلمين وقفة مراجعة شاملة لمواجهة هذه التحديات التي لا تستهدف حقهم في مدينتهم ومقدساتهم وأرضهم فحسب، ولكنها تستهدف وجودهم وهويتهم فوق أرضهم، وأن التقاعس، والتقوقع ضمن المصالح الضيقة، والنهج الذي أتبعه العرب والمسلمون حتى الآن في مواجهة عدوهم وحل قضاياهم لا يبشر بخير ويدعو إلى اليأس والإحباط، وسوف تدفع هذه الأمة وأجيالها القادمة ثمناً باهظاً ربما يكلفها وجودها وهويتها … إذا لم تصحو من سباتها وتتدارك أمرها قبل أن تحل بها الكارثة المحدقة بها من كل الجوانب.
ثانياً: الطرح الفلسطيني:
بعد حرب عام 1948م، وإعلان قيام الدولة اليهودية على جزء من الأرض الفلسطينية لم يظهر أي كيان سياسي يمثل الفلسطينيين أو يشير إلى وجودهم كقوة فاعلة لها دور سياسي أو عسكري على الساحة العربية، إلا عندما أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م ولم يكن وقتها تحت الاحتلال الإسرائيلي إلا الشق الغربي من مدينة القدس.
وكان الحديث الفلسطيني في ذلك الوقت يدور عن تحرير القدس الذي يعني الجزء الغربي المحتل من المدينة.
وانعقدت الدورة الأولى للمجلس الوطني الفلسطيني في شهر حزيران عام 1964 في مدينة القدس وذلك تعبيراً دلالياً على تمسك الفلسطينيين بحقهم في تحرير الجانب الغربي المحتل من مدينة القدس([6]).
ولكن احتلال إسرائيل لباقي فلسطين بما في ذلك الجانب الشرقي من القدس، وما أحدثه هذا الاحتلال من تداعيات على الواقع العربي والدولي حتى انعقاد مؤتمر مدريد عام 1991م حيث طالبت الحكومة الإسرائيلية في ذلك المؤتمر ومن أجل عدم المساس بحقوق إسرائيل في القدس – من وجهة نظرها– بألا تبحث قضية القدس في المؤتمر، وأن لا يشارك في الوفد الفلسطيني الذي كان ضمن وفد أردني مشترك أي فلسطيني من سكان القدس، وفي الوقت الذي طالب فيه الفلسطينيون ممثلين عن الشطر الشرقي من القدس واعتبار الشطر الشرقي من القدس داخل في الحكم الذاتي الفلسطيني وطالبوا إسرائيل بالانسحاب منه إلا أن تركيبة الوفد الفلسطيني جاءت خالية من الممثلين عن الجانب الشرقي من القدس، وجاءت الإشارة في كتاب الضمانات الأمريكية للفلسطينيين أنه سيجري تحديد مكانة القدس النهائية في المفاوضات، وبعد جولات المفاوضات المتعددة وفي بداية الجولة التاسعة وافقت إسرائيل على أن يشارك فيصل الحسيني وهو من سكان الشطر الشرقي من القدس في الوفد الفلسطيني وكذلك تم السماح للمواطنين الفلسطينيين من الشطر الشرقي من القدس بالمشاركة في انتخابات الحكم الذاتي فيما بعد. وفي اتفاقية "أوسلو – إعلان المبادئ الفلسطيني – الإسرائيلي في (13/9/1993م) جرى التطرق لموضوع القدس من جانبين الجانب الأول هو مجال صلاحية مجلس الحكم الذاتي الفلسطيني، والجانب الآخر مجال انتخاب مجلس السلطة الفلسطينية([7]) وجاء في البند السابع من وثيقة التفاهمات والاتفاقات الملحقة بالاتفاق (أن مجال نفوذ المجلس يغطي مساحة الضفة الغربية وغزة باستثناء مسائل يتم بحثها في إطار المفاوضات حول المكانة الدائمة مثل: مسألة القدس والمستوطنات والمناطق العسكرية والإسرائيليين). ويتضح من هذا البند إضافة إلى البنود 4 ، 5 من الاتفاق أنه لن يكون لمجلس الحكم الذاتي الفلسطيني أي صلاحية على المدينة على الأقل في المرحلة الانتقالية أما انتخابات مجلس الحكم الذاتي الفلسطيني فقد تقرر في البند رقم (1) للملحق رقم (1) أنه يحق لفلسطينيي القدس الذين يسكنوها المشاركة في انتخابات مجلس الحكم الذاتي حسب الاتفاق الذي يجري بين الطرفين وفعلاً شارك هؤلاء السكان في العملية الانتخابية بواسطة البريد حسب الاتفاق الذي جرى بين الطرفين.
وقد طرحت وجهات نظر ضمن الإطار الفلسطيني كانت من قبل شخصيات فلسطينية رسمية وغير رسمية كان بعضها طرحاً فردياً وكان البعض الآخر بالمشاركة مع شخصيات إسرائيلية سواء كانت رسمية أو أكاديمية ومن أبرز هذه الطروحات: الطرح الذي اقترحه د. سري نسيبة و د. مارك هيلر عام 1991م وهو طرح خارج الإطار الرسمي سواءً الفلسطيني أو الإسرائيلي حيث أنه أول طرح من قبل أكاديميين، وذلك لحل مشكلة القدس. ويتلخص هذا الطرح برسم حدود بلدية بين القطاعين الشرقي والغربي، ويقام مجلسان بلديان مع هيئة عليا للبلديتين، ويكون كل قطاع عاصمة للدولة التي سيتبع لها. وترك هذا الطرح معالجة القضايا الدينية إلى سلطات طائفية داخلية. على أن تحاط المدينة بأكملها بخط حدود متواصل بحيث لا تتأثر الوحدة المادية والوظيفية للمدينة.
وفي عام 1992 طرح اقتراح آخر لحل مشكلة المدينة وكان من قبل حنا سنيورة و د. سيسيليا البين وموشيه عميرام وملخص هذا الطرح:
أن تكون القدس عاصمة لدولتين، إسرائيل وفلسطين بحيث تتوسع المدينة حتى تشمل رام الله وكفار عصيون وبيت لحم ومعاليه أدوميم (الخان الأحمر) ويجري تقسيم المدينة إلى عشرين بلدية فرعية، وتتم معاهدة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تدعى (معاهدة القدس) ويتم تبنيها من قبل البرلمان الإسرائيلي والبرلمان الفلسطيني، وتكون هذه المنطقة مفتوحة دون حدود أو نقاط تفتيش أو حواجز وترفع ثلاثة أعلام في المدينة: العلم الفلسطيني والعلم الإسرائيلي وعلم القدس، وتكون للبلدة القديمة بلدية خاصة بها ولا ترفع الأعلام على الأماكن المقدسة([8]).
وعلى الجانب الرسمي فإن الطرح الفلسطيني لا يبتعد كثيراً عن الطروحات الأكاديمية وغير الرسمية.
فجاء على لسان محمود عباس(أبو مازن) عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية واحد مهندسي اتفاق أوسلو أن ما يتأمل أن يحققه الفلسطينيون من اتفاق المرحلة النهائية، ما تضمنته رسالة الضمانات الأمريكية للفلسطينيين حين دعوتهم إلى مؤتمر مدريد مجموعة من التصورات الأمريكية حول مدينة القدس ومن أبرز هذه التصورات أن تبقى المدينة موحدة وكذلك عدم ضمها، وعدم تغيير معالمها، وأن تكون الحدود مفتوحة في ظل هذه المدينة الموحدة.
ويتكلم محمود عباس (أبو مازن) بشكل معلن وصريح أن الشطر الشرقي سيكون عاصمة للفلسطينيين، والشطر الغربي عاصمة لإسرائيل ويكون للمدينة مجلس بلدي موحد ومجلسان بلديان فرعيان([9]).
وهنا إشارة واضحة أن الجانب الفلسطيني الرسمي يطالب بتطبيق قرار الأمم المتحدة رقم (242) لعام 1967م غير أن لديه استعداد لأن تبقى المدينة موحدة، وأن تبقى المدينة مفتوحة لكل الأديان، ولا نرى ذلك يبعد كثيراً عن الحلول التي طرحت خارج الإطار الرسمي.
ثالثاً: الطرح الإسرائيلي:
سارع اليهود إلى الموافقة على قرار التقسيم عام 1947م وكان هذا القرار هو أول قرار يحقق على الأقل جزءاً من الحلم اليهودي في إقامة الدولة اليهودية، وهو القرار الذي أعطاهم صفة الكيان السياسي الدولي (دولة) ولكن بعد إنهاء الانتداب البريطاني في شهر أيار عام 1948م وبعد الإعلان الرسمي "لدولة إسرائيل" وتوالي اعتراف الدول بها وعلى رأسها الدول الاستعمارية كانت هذه الدولة تستولي على ما يقارب 78% من مساحة فلسطين التاريخية أي أكثر بكثير مما أعطاه لها قرار التقسيم.
وبعد إعلان هذه الدولة بدأت بنقل بعض الدوائر الحكومية إلى الشطر الغربي من القدس واعتبرتها منذ ذلك الوقت عاصمة لها، وعندما أكملت إحتلالها للمدينة عام 1967م، ضمتها ووسعتها على حساب الأراضي والممتلكات العربية المجاورة .
وأصبحت الحكومات الإسرائيلية المتوالية بعد هذا التاريخ تعمل على إبراز مشروع القدس الكبرى الذي سيتشكل على 25% من مساحة الضفة الغربية.
وفي سنة 1980م أصدرت الحكومة الإسرائيلية فيمـا يسمى "بالقانـون الأساسي" الذي ضمت بموجبه الشطر الشرقي من المدينة رسمياً واعتبار القدس الموحدة بشقيها عاصمة موحدة لإسرائيل، والقوى السياسية في إسرائيل بكافة اتجاهاتها وميولها وبرامجها السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كلها تجمع وتلتقي على أن مدينة القدس يجب أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية، ولكن تختلف المعالجات من حزب لآخر بشأن السكان العرب الساكنين في المدينة وسنتعرض هنا لوجهات نظر وتصريحات من شخصيات إسرائيلية متباينة سياسياً ولكنها مجمعة فعلياً على بقاء المدينة موحدة تحت السيادة الإسرائيلية([10]) :
فأكد (إسحق رابين) رئيس وزراء إسرائيل الأسبق وهو زعيم لحزب العمل أيضاً ذلك بقوله "إن إبقاء القدس عاصمة موحدة لإسرائيل تحت سيادتها من القضايا الرئيسية لإسرائيل وكذلك صرح (شمعون بيريز) الذي هو أيضاً زعيم سابق لحزب العمل ورئيس وزراء سابق لإسرائيل ووزير خارجية لها للإذاعة الإسرائيلية" إن من الممكن التوصل إلى سلام ديني في القدس" واستبعد أي تنازل سياسي بقوله (سيكون من الغباء بناء جدار برلين في القدس لإعادة تقسيم المدينة أو التفكير في جعلها عاصمة لدولتين).
في لقاء مع الصحفيين الأجانب في القدس عام 1995م أكد (يوسي بيلين) وهو وزير سابق في حكومة العمل وهو من الوجوه البارزة التي لعبت دوراً كبيراً في اتفاقية أوسلو بقوله: (إن إسرائيل لن توافق أبداً على تقسيم القدس مرة أخرى، ولكنها قد تعرض على الفلسطينيين المقيمين في المدينة، إقامة إدارة بلدية منفصلة، ولن نكون مستعدين أبداً لإعادة تقسيم القدس أو التخلي عن السيادة عليها، وهذا لا يعني أننا لن نأخذ في حساباتنا حاجات الفلسطينيين، إنني أؤيد حل عمدة بلدية القدس السابق (تيدي كوليك) الذي تحدث عن إدارات مستقلة في القدس، بحيث يكون لهم – الفلسطينيون- مجالس أحياء ويتمكنون من انتخاب أعضاء هذه المجالس في إطار بلدية القدس وتحت السيادة الإسرائيلية. القدس من القضايا التي سيحصل فيها الفلسطينيون على أقل بكثير مما يحلمون به، ولكن سيتم تنفيذ طلباتهم المهمة الأخرى)
ومن الوسط الأكاديمي تقدم طاقم من هؤلاء الأكاديميين من (معهد القدس لأبحاث إسرائيل) ببدائل مقترحة لحل مشكلة القدس وسلمت هذه المقترحات إلى السلطة الفلسطينية([11]) وتضمنت هذه المقترحات خمسة بدائل لحل مشكلة المدينة من وجهة نظر هذا الطاقم الأكاديمي، تراوحت بين سيادة إسرائيلية كاملة على أجزاء المدينة كافة مع حكم ذاتي وظيفي للفلسطينيين، وبين سيادة فلسطينية على أجزاء من شرق المدينة مع بقاء الأحياء اليهودية تحت السيادة الإسرائيلية، ووضع خاص للمدينة القديمة بمقدساتها المهمة.
أما من وجهة نظر (تيدي كوليك) رئيس بلدية القدس السابق، قيام بلديتين في المدينة عربية ويهودية، وتسيطر على البلديتين بلدية عليا واحدة مشتركة، وفي الجانب العربي تقوم أحياء حاصلة على شبه استقلال ذاتي، وهذا الطرح هو حل وسط في التقسيم الوظيفي الإداري للصلاحيات ويعتقد من خلال وجهة النظر هذه أن ذلك سيعجل بالحل السياسي لمشكلة القدس،([12]) وكذلك جرى طرح بعض المقترحات من بعض الخبراء الإسرائيليين والذين اعتقدوا بأنها حلول مناسبة تحفظ لإسرائيل مصالحها السياسية والدينية، حيث طرح (ميرون بنفنستي) مساعد رئيس بلدية القدس السابق تيدي كوليك اقتراحاً وقدمه لوزارة الخارجية الإسرائيلية وقد نص هذا الاقتراح: (إقامة إدارة مزدوجة مع سيادة مزدوجة على غرار مجلس لندن الكبرى، وتقسيم المدينة إلى أحياء أو مجالس بلدية ضمن مجلس بلدي أعلى فيدرالي، بحيث تحدد المسؤولية والصلاحية لكل قطاع،على أن تبقى القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل)([13]) كما طرح (رافل بنكر) مشروعاً آخر نص على: (تقسيم القدس إلى ثماني بلديات فرعية، خمس منها للعرب، وثلاث لليهود بحيث تضم البلديات العربية المدن والقرى الفلسطينية القريبة من مدينة القدس، في حين تضم البلديات اليهودية الجزء الغربي من المدينة إضافة إلى الأحياء اليهودية الحالية التي كانت تحت السيادة الأردنية قبل حرب عام 1967م)([14]).
وفي عرض للسفير الإسرائيلي في الأردن (شمعون شامير) أمام شخصيات من منظمة التحرير الفلسطينية، عرض السفير الإسرائيلي تصورات لحل مشكلة القدس بين الطرفين، في إطار خطة لحل مشكلة القدس في إطار الحل النهائي. وتنص هذه الخطة على بقاء القدس مدينة موحدة ومفتوحة للجميع، وتعمل في المدينة بلدية سقف، يقف على رأس هذه البلدية يهودي، وأما أماكن السكن المختلفة فتنقسم إلى أحياء ذات استقلال ذاتي تدار بشكل مستقل، وتكون تابعة للبلدية الأعلى، بحيث تقتصر إدارة هذه الأحياء على الشؤون اليومية للمواطنين في الحي، وأما الأماكن المقدسة فتدار من قبل الأديان المختلفة، حيث يدير كل أماكنه المقدسة الخاصة به، وفي الجانب السياسي يقول (شمعون شامير) أنه بوسع الفلسطينيون أن يَنتخبوا ويُنتخبوا لمؤسسات الكيان الفلسطيني، وكذلك بوسع المؤسسات الفلسطينية بما فيها المؤسسات السياسية أن تعمل في المدينة([15]).
وفي سنة (1993) طرح مشروع إسرائيلي عرف باسم أصحابه (مشروع فونداك وهير شفيلد) وهما من مهندسي اتفاق أوسلو، يتضمن هذا المشروع تشكيل بلديتين ثانويتين أحداهما عربية والثانية يهودية وتكون هناك بلدية سقف مسؤولة عنهما، وتقسم المنطقة العربية إلى أحياء ذات إدارة ذاتية، أما الأماكن المقدسة فيرى المشروع أن تكون تحت السيادة المشتركة على النحو التالي:
1. الأماكن المقدسة الإسلامية، تحت سيادة إسرائيلية – فلسطينية - أردنية.
2. الأماكن المقدسة المسيحية، تحت سيادة إسرائيلية مع طرف آخر يحدده الفاتيكان.
وتكون إسرائيل هي المرجع الأساسي لقضية السيادة المشتركة على أن يجدد هذا الوضع كل 25 سنة([16]).
وفي سنة 1995 تقدم طاقم خاص من الباحثين الإسرائيليين في (معهد القدس لدراسات إسرائيل) بمجموعة من الأفكار والتصورات حول مشكلة المدينة من أهمها:
1. تكريس مكانة إسرائيل في المدينة تمهيداً للتسوية الدائمة.
2. يحتفظ اليهود في أي تسوية بحق الدخول إلى (جبل الهيكل) – المسجد الأقصى المبارك.
3. تحتفظ إسرائيل بحق استعمال القوة في حالة تعرض سلامة الإسرائيليين للخطر في المسجد الأقصى.
وفي عام 1995م قُدم للسلطة الفلسطينية مشروعاً من قبل (رعنان فايس) وقد ورد في هذا المشروع حول مدينة القدس النقاط التالية:
1. إقامة مدينة للفلسطينيين بمثابة عاصمة مساحتها 10 آلاف دونم، تقع إلى الشرق من ضاحية شعفاط تستوعب 3 آلاف مواطن وتتوسط هذه المدينة المناطق الثلاث للدولة الفلسطينية: الخليل، نابلس، غزة، وتعتبر مساحتها كاملة جزءاً من الأرض الفلسطينية وتتخذ عاصمة لها.
2. يُمنح السكان العرب المقدسيون الحاليون حق الاختيار بين الانضمام للقدس الحالية أو القدس المقترحة.
3. يُنشأ طريق التفافي دائري يربط القدس الحالية بالقدس المقترحة، ويتبع الجزء الغربي من هذه الطريق السيادة الإسرائيلية فيما يخضع الجزء الشرقي منها للسلطة الفلسطينية.
4. يتم تدويل المدينة المقدسة داخل الأسوار لبعدها الديني العالمي، مع إعطائها وضعاً مميزاً، واعتبارها حياً من أحياء القدس اليهودية. ويديرها مجلس منتخب من السكان المحليين يهوداً ومسيحيين ومسلمين، ويكون رئيس المجلس المنتخب هو نفسه رئيس بلدية القدس اليهودية بينما يكون نائبه رئيس بلدية القدس الفلسطينية.
5. في حال تنفيذ هذا المشروع فإن مدينة القدس الحالية ستضم جميع المستوطنات المحيطة بها دون أن يمس هذا الإجراء مسألة السيادة الإقليمية أو الحقوق الفلسطينية للسكان الحاليين.
وفي دراسة (لدوري غولد) مستشار رئيس الوزراء الأسبق (بينامين نتنياهو) نشرت عام 1995م([17]) فيرى أن الحل لمشكلة القدس هو حل ديني في رأيه ويتلخص في أن تتكون لجنة إسلامية تضم كلا من السعودية والمغرب والسلطة الفلسطينية إلى جانب الأردن للإشراف على المقدسات فقط.
ويستبعد غولد فكرة التفاوض السياسي على السيادة في المدينة أو الحلول الجغرافية كما يسميها ويعتبر ذلك خطراً كبيراً على أمن دولة إسرائيل، ولا يقر بإعادة تقسيم المدينة أو حتى تقاسم الوظائف مهما كانت فيها ويقول بأن هذه مدينة يهودية وعاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل. وفي ظل ما اتسمت به كل الحلول المقترحة من عدة جهات إسرائيلية من تباين سواءً منها الرسمية أو غيرها، فهي في مجملها لا ترقى إلى مستوى الحد الأدنى من الحقوق العربية في المدينة، وفي ظل التغيير الهائل الذي يجري على الأرض من ناحية جغرافية وديمغرافية، فإنه من المستبعد أن تقدم إسرائيل أي تنازل يتعلق بالسيادة السياسية على المدينة، أو حتى السيادة الدينية على الأماكن المقدسة، ومسألة السيادة السياسية على القدس، وأنها عاصمة موحدة وأبدية للدولة اليهودية تعتبر إجماع لا خلاف فيه لجميع اليهود على شتى مشاربهم السياسية ولا يقابل ذلك للأسف الشديد أي تصور أو إجماع رسمي عربي أو إسلامي محدد للحقوق الدينية والتاريخية والسياسية للعرب في هذه المدينة.
رابعاً: الطرح الأردني الذي يتماثل مع الطرح العربي:
بعد دخول ما تبقى من فلسطين عام 1948م في اتحاد مع الأردن لينضوي تحت المملكة الأردنية الهاشمية كان الخطاب السياسي الأردني طيلة الفترة التي سبقت احتلال إسرائيل للضفة الغربية بما فيها الشطر الشرقي من القدس يتناول دائماً الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948م دون أن يتحدث عن الشطر الغربي من القدس بصورة منفردة.
وقبل الأردن مثل باقي الدول العربية التي جرى إحتلال جزء من أراضيها في حرب عام 1967م قرار مجلس الأمن رقم (242) الذي صدر بتاريخ 22 نوفمبر 1967م والذي يقوم على مبدأ (الأرض مقابل السلام) مما جعل الخطاب العربي والفلسطيني فيما بعد، يقتصر على المطالبة بالشطر الشرقي من القدس، واعتبارها جزءاً من الأراضي المحتلة عام 1967 وينطبق عليها ما ينطبق على هذه الأراضي. وظهر ذلك في خطاب للملك الحسين رحمه الله في افتتاح مجلس الأمة التاسع حيث قال : (لقد ارتضينا قرار مجلس الأمن الدولي المؤرخ في 22 نوفمبر 1967م صيغة للتسوية النهائية وقبلنا المبادئ التي أشتمل عليها، وطالبنا بالالتزام بتلك المبادئ والقبول بوضعها موضع التنفيذ([18])).
وفي عام 1971م أعلن الملك الحسين رحمه الله "أن الأردن لا يمكن أن يقبل بتدويل القدس العربية وتدويل الأماكن المقدسة".
وعندما صدر قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية سنة 1988م استثنيت المحاكم الشرعية والأوقاف ومدينة القدس من ذلك القرار([19]) وكان هناك مشاريع حلول اقترحها الأردن لتسوية مشكلة المدينة حيث جاءت هذه الاقتراحات على لسان المندوب الأردني السابق في الأمم المتحدة (عدنان أبو عودة)([20]):
" بوضع الأجزاء الشرقية من القدس تحت العلم الفلسطيني وتسمى القدس، والأجزاء الغربية تحت العلم الإسرائيلي وتسمى (أورشاليم)، وأن يعمل في المدينة المقدسة مجلس يمثل الهيئات المختلفة للديانات الثلاث، وبموجب هذا الاقتراح يحق لسكان المدينة العرب انتخاب ممثلين عنهم للمؤسسات الفلسطينية، بينما يعد سكان المدينة اليهود في عداد الإسرائيليين، ويشاركون في الانتخابات الإسرائيلية".
وفي نصوص معاهدة وادي عربة (26/10/1994) الموقعة بين الحكومة الإسرائيلية والحكومة الأردنية هناك اعتراف إسرائيلي بالدور الأردني المتميز في الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس وكذلك إعلان إسرائيل عند التفاوض على المرحلة النهائية "ستعطى أفضلية عالية لدور الأردن التاريخي في هذه الأماكن المقدسة([21]) "
ومن آخر المقترحات بشأن القدس على لسان المرحوم الملك الحسين في حديث لصحيفة الاستمبا الإيطالية، إذ اقترح([22]): أن تقسم مدينة القدس إلى ثلاث قطاعات متميزة: القدس الغربية عاصمة لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، والمدينة القديمة تحت إدارة الديانات التوحيدية الثلاثة. وأوضح أن المدينة القديمة بما تحتويه من أماكن مقدسة للأديان السماوية الثلاثة لا ينبغي أن تكون تابعة لأحد بشكل خاص، بل لجميع المؤمنين بالله. ويعلن الأردن وفي كل مناسبة في الوقت الحاضر وعلى لسان كافة المسؤولين ابتدءاً من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أن الأردن يدعم ويؤيد قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس (الشق الشرقي) متكئاً على قرارات هيئة الأمم المتحدة وعلى ما يدور على الساحة في الوقت الراهن من مبادرات آخرها مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز التي تبناها مؤتمر القمة العربية الأخير الذي عقد في بيروت في 27 آذار 2002م لتكون مبادرة عربية خامساً: الطرح الأمريكي: كانت الولايات المتحدة أول من بادر إلى الاعتراف بالدولة اليهودية عند إعلانها سنة 1948م، وقد تبنت الولايات المتحدة فكرة "تدويل القدس بكاملها منذ قرار التقسيم 1947م، ولكنها بدأت تعدل عن موقفها هذا وتميل إلى فكرة التدويل المحدود". وأصبحت القضية الفلسطينية مجالاً للتنافس بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، وذلك لتنامي قوة اليهود وحضورهم الفاعل في مراكز صنع القرار الأمريكي والتأثير عليه، حيث يملك اليهود كبرى المؤسسات الاقتصادية والإعلامية في الولايات المتحدة وما منظمه (الايباك) اليهودية وسطوتها في الولايات المتحدة إلا دليلاً على ذلك، ويقابل هذا الحضور اليهودي الفاعل في الشارع الأمريكي وفي المؤسسات الأمريكية جهد عربي مشتت وضعيف لا يستطيع التأثير على أي قرار أمريكي، وما التعاطف البسيط الذي نلحظه هنا أوهناك عند بعض الأفراد أو المؤسسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية إلا تعاطفاً يأخذ الجانب الإنساني ولا يرقى إلى حد الدفاع عن هذه القضية العادلة التي تعرض أصحابها إلى أكبر ظلم في تاريخ البشر المعاصر. وفي عام 1950م رفضت الولايات المتحدة إعلان إسرائيل (الشطر الغربي من القدس) عاصمة لها. إلا أن الأمر اختلف بعد احتلال إسرائيل لباقي المدينة عام 1967م، حيث أصبح الحديث يقتصر على الشطر الشرقي من القدس ورغم أن الولايات المتحدة من الدول التي وافقت على قرار مجلس الأمن 242 والذي يعتبر الشطر الشرقي من القدس أرضاً محتلة مثل سائر الأراضي التي احتلت عام 1967م إلا أن الموقف الأمريكي مع إبقاء القدس مدينة موحدة وإبقاء مصيرها للمفاوضات بين الطرفين ولم يعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل
ولكن الموقف الأمريكي بدا يميل ميلاً واضحاً وصريحاً في تبني الطروحات الإسرائيلية منذ عقد الثمانينات حيث بدأ الموقف الأمريكي متفرداً في مجلس الأمن بعدم إدانته لإقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وفي محيط مدينة القدس، وكذلك امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قراري مجلس الأمن 476 و 478 الصادرين عام 1980م واللذين اعتبرا القانون الإسرائيلي بضم الشطر الشرقي من القدس باطلاً([23]).
وفي 1982م طرح الرئيس الأمريكي "رونالد ريغان" مبادرته التي عرفت باسمه ومن أبرز ما جاء فيها: أن القدس يجب أن تبقى موحدة وتحدد مكانتها في المفاوضات النهائيــة بين الطرفين، وأيدت هذه المبادرة إشراك مواطني الشطر الشرقي من العرب في انتخابات سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ونتيجة اتصالات سرية وضغوط من المؤسسات اليهودية في الولايات المتحدة وقعت في 18 كانون الثاني عام 1989م اتفاقية بين الولايات المتحدة وإسرائيل من ضمنها بند ينص:على استئجار موقع في الشطر الغربي من المدينة من جانب الولايات المتحدة لإقامة مبنى للسفارة الأمريكية عليه، (إن هذا الموقع من أملاك الوقف الإسلامي العائد إلى الشيخ محمد الخليلي ومساحته (31) دونماً بأجرة سنوية رمزية مقدارها دولار واحد ولمدة مائة عام) ويعترف هذا الاتفاق صراحة بسيادة إسرائي | |
|
| |
محمد عـــــنـــانــــي مــشــارك
عدد المساهمات : 164 النقاط : 167 تاريخ التسجيل : 11/01/2010 العمر : 38 الموقع : USA نشاط العضو :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-23, 18:45 | |
| شكرا جزيلا لك على هذا الطرح الشامل عن الاحداث التى حدثت في القدس موضوع متعوب عليه جعله الله في ميزان حسناتك ونفع المسلمين به تقبل مروري واحترامي | |
|
| |
العناني عنــــــــانـــــــي فــــعـــال
عدد المساهمات : 37 النقاط : 37 تاريخ التسجيل : 21/01/2010 نشاط العضو :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-24, 01:20 | |
| جزاك الله خيرا على مجهودك ومواضيعك القيمه | |
|
| |
e3nane المــــديـــــر الـــــــعـــــام
عدد المساهمات : 21049 النقاط : 25172 تاريخ التسجيل : 06/01/2010 العمر : 40 الموقع : شيكاغو chicago نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-24, 06:24 | |
| بارك الله فيك دكتور جاسر وجزاك خيرا على المعلومات الطرح المهم للجميع وان شاء الله في ميزان حسناتك كل الاحترام والتقدير لك تقبل مروري | |
|
| |
amera عنــــــــانـــــــي فــــعـــال
عدد المساهمات : 57 النقاط : 58 تاريخ التسجيل : 14/01/2010 نشاط العضو :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-24, 07:01 | |
| بارك الله فيك ونفع الامة بك | |
|
| |
علي الخطيب عـــــنـــانــــي مــشــارك
عدد المساهمات : 141 النقاط : 141 تاريخ التسجيل : 18/02/2010 نشاط العضو :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-24, 12:56 | |
| طرح مهم وحساس..شكرا جزيلا لك | |
|
| |
دجاسر العناني شخصية مهمة
عدد المساهمات : 359 النقاط : 444 تاريخ التسجيل : 09/02/2010 العمر : 71 الموقع : عمان /الاردن نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-24, 20:46 | |
| الاعزاء محمد...العناني....جبريل....اميرة.....علي الخطيب شكرا لمروركم الكريم ومتابعتكم كل الاحترام والتقدير | |
|
| |
mohamad مـــــــــراقـــــــب عناني
عدد المساهمات : 542 النقاط : 576 تاريخ التسجيل : 08/01/2010 نشاط العضو :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-25, 19:14 | |
| ربنا يجيب يلي في الخير ويصبر اهل فلسطين والمسلمين على جميع الموامرات التي تجري من حولهم وشكرا لك دكتور على هذا المجهوك وبارك الله فيك | |
|
| |
دجاسر العناني شخصية مهمة
عدد المساهمات : 359 النقاط : 444 تاريخ التسجيل : 09/02/2010 العمر : 71 الموقع : عمان /الاردن نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-25, 23:26 | |
| | |
|
| |
Asfour10 المــــديـــــر الـــــــعـــــام
عدد المساهمات : 5620 النقاط : 10408 تاريخ التسجيل : 11/01/2010 العمر : 36 الموقع : حريه معتقله نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-26, 02:27 | |
| يعطيك العافيه دكتور على هذه المعلومات المهمه اللهم انصر شعبنا والامه الاسلاميه على الكفار
| |
|
| |
دجاسر العناني شخصية مهمة
عدد المساهمات : 359 النقاط : 444 تاريخ التسجيل : 09/02/2010 العمر : 71 الموقع : عمان /الاردن نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2010-04-26, 13:48 | |
| سلمت عصفور10 وشكرا لمرورك الجميل دائما | |
|
| |
عاشقة الزهور عــنـــانــــي نــشــيــط
عدد المساهمات : 368 النقاط : 740 تاريخ التسجيل : 15/08/2010 نشاط العضو : الاوســـــمة :
| موضوع: رد: التصورات السياسية حول القدس 2012-01-12, 09:26 | |
| | |
|
| |
| التصورات السياسية حول القدس | |
|