تجاهد المرأة العربية بكل ما تملك لتستر خيانتها لزوجها، وانزلاقها في بئر الصداقات غير الشرعية لأنها فضلا على تخطيها في ذلك حدود الدين، فإن الزوج والمجتمع لن يغفرا لها خيانتها مهما قدمت من مبررات، أو تعللت بأنها تعرضت للظلم أو للتجاهل من الزوج أو ضعفها أمام الإغراءات.
وكان من المتعارف عليه أن خيانة الزوجة لزوجها في المجتمعات العربية لا تتعدى حالات نادرة لا ترتقي لظاهرة، خاصة وأن المجتمع العربي يتمسك بدينه، والأعراف والتقاليد الاجتماعية الأصيلة.
إلا أن البرامج الدينية بالقنوات الفضائية التي تتلقى استفسارات المشاهدين في القضايا الفقهية والشرعية عبر الهاتف كشفت نماذج عديدة من حالات الانفلات الأخلاقي في الأسرة العربية، والكثير من حالات خيانة الزوجة لزوجها.
وقد لجأت تلك الزوجات لضيوف البرامج الدينية يطلبن الفتوى فيما ارتكبن من تعديهن لحدود الله وأخطائهن في حق أزواجهن وأولادهن، نرصد منها اعتراف بعض المشاهدات في برنامج ـ عما يتساءلون ـ الذي يذاع على قناة دريم الفضائية المصرية، ويقدمه المذيع أحمد عبدون، حيث تقول واحدة منهن "أنها تعيش أسوأ فترات حياتها لأنها تخطت حدود الله تعالى، وأساءت في حق نفسها وزوجها وأسرتها إذ انزلقت قدميها في بئر الرذيلة مع صديق زوجها، وحملت منه سفاحا ولا تعرف ماذا تفعل، خاصة وأنها أم لفتيات ومن أسرة مرموقة".
وأفتتها الدكتورة سعاد صالح رئيس قسم الفقه بكلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بقولها "لابد من الاعتراف للزوج المخدوع وتبقي على الجنين لينسب لأمه حال رفض الصديق الخائن الزواج منها لأن هذا شرع الله وعليها أن تتوب وتستغفر الله لعله يقبل توبتها."
وأرجعت د. سعاد فتواها إلى أنه لا يجوز للزوجة إدخال ماء ليس منه. كما انه لو كان الزوج المخدوع موظف يوفر قوت أولاده بالكاد فقد أثقلت الزوجة عليه، وإن كان الزوج غني فقد أعطت لمن ليس له الحق حق في الإرث منه.
وعلى الفور تلقى البرنامج مداخلة على الهواء من الدكتورة ملك يوسف زرار أستاذة علوم الدين وفقه الحديث بجامعة الأزهر تعترض على فتوى د.سعاد صالح وترى أن حل مشكلة الزوجة الخائنة هو الستر بأن تقوم الزوجة بإجراء إجهاض من أجل فتياتها والابقاء على أسرتها.
كما تلقى نفس البرنامج اعتراف آخر بالخيانة من إحدى الفتيات تدرس في الجامعة، حيث تقول "أنها حامل من زوج أختها، ولا تعرف ماذا تفعل خاصة وأنها تخطت حدود الله تعالى وأساءت في حق أختها التي احتضنتها منذ الصغر".
واجهشت ضيفة الحلقة د. عبلة الكحلاوي عميد كلية البنات بجامعة الأزهر الشريف فرع بورسعيد في البكاء بعد سماع اعتراف الفتاة، وطالبتها بالاعتراف لأختها، وطالبت أختها بطلب الطلاق من زوجها الخائن ليتزوج أختها.
كما تلقى البرنامج اعترافا آخر من مشاهدة، حيث تقول "أن زوجها أهملها وأقام علاقات عديدة من نساء غيرها مما أوقعها في حالة نفسية سيئة، وأصابها بفقدان الثقة حتى وجدت ما تفتقده في زميلها بالعمل وأقامت معه علاقة أسفرت عن طفل ولكن زوجها استقام وعرف طريق الله ونادمة على ما فعلت و لا تعرف ماذا تفعل."
كما تلقى البرنامج استفسارا من إحدى الزوجات التي تبكي بسبب علاقتها مع والد زوجها أثناء غياب الزوج لفترة طويلة، وأسفرت تلك العلاقة عن جنين، ولا تعرف ماذا تفعل، خاصة وأن الطفل المنتظر سيكون أخ الزوج.
وتباينت الفتاوى في الرد على الزوجة الحامل من والد زوجها، حيث كان هناك رأي بحتمية إجهاض الزوج وأن تتوب إلى الله تعالى حفاظا على الحياة السرية وعلاقة الزوج بابيه، ورأي آخر باعتراف الزوجة للزوج بخيانتها، وأن تطلب الطلاق وينسب الطفل لأمه.
والتقينا بالسيدة نهلة ع . ع. (38 عاما) وتعمل موظفة في إحدى الهيئات الحكومية ـ داخل أحد أقسام الشرطة، حيث تنتظر إجراءات تنازل الزوج عن اتهامه لها بالخيانة حرصا على سمعة أولاده بعد تطليقها، حيث تقول "نعم أقمت علاقة غير شرعية مع صديق زوجي، لأنني أردت أن أطعن زوجي الخائن بنفس الخنجر الذي طعنني به عندما أقام علاقة غير شرعية مع جارتي بدون مراعاة لمشاعري ".
وتضيف "لم تصل علاقتي بصديقه لحد السفاح ولكنني أردت فقط إشعال غيرته، ولست نادمة على ذلك حتى بعد أن طلقني، فطلاقي أفضل من العيشة معه."
وتقول د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة بكلية أصول الدين والشريعة جامعة الأزهر الشريف والعميد السابق للكلية في اتصال هاتفي مع ميدل ايست اونلاين "أن القرآن الكريم ساوى بين المرأة والرجل في قضية الخيانة الزوجية في حد الجريمة، حيث يقول الله تعالى «الزاني والزانية»، ولكن خيانة المرأة ينظر لها المجتمع من خلال العرف والتقاليد بأنها جريمة تفوق جريمة الرجل".
وتوضح د. آمنة أن جريمة الزنا عند المرأة يترتب عليها نتائج كبيرة، من بينها اختلاط الأنساب، وإشاعة الفاحشة، ويشدد الإسلام وكل الديانات السماوية على جريمة الزنا، وتداعيات تلك الجريمة كثيرة ومتنوعة وعلى أرسلها أن الزوجة الخائنة أم لفتاة في المنزل تستعد لحمل الرسالة، وأن تكون أم المستقبل.
وأرجعت د. آمنة أسباب خيانة الزوجة لزوجها إلى أسباب كثيرة من بينها عدم التوافق في الحياة الزوجية - وهذا مرض وليس مبرر ـ فعندما يهمل الرجل زوجته وهي في ريعان شبابها ويتركها لضعفها في نفس الوقت لا تملك الزوجة ضوابط حاسمة وشديدة تحميها من انزلاق قدميها خاصة مع افتقارها لطريقة تربية سليمة في الصغر، وعدم امتلاكها صحوة دينية في قلبها، وإدراكها لحجم ارتكابها لجريمة الزنا التي لا يجوز بعدها الحياة، وانقلاب معايير الانضباط لديها.
كما هناك حالات لخيانة الزوجة لا يكون الزوج فيها مقصر من بينها حالات تتعرض فيها الزوجة لإغراءات من رجل سفيه، يستملح هذه الإغراءات وهو كثيرا ما يحدث وتكون فيها الزوجة مثل الفراشات التي تنجذب إلى ضوء وتحترق.
كما أن هناك حالات أصبح فيها الزنا عند بعض الزوجات مصدر لجلب الرزق بسبب الحالة الاقتصادية، وهن يطلق عليهن داعرات ومنهن من تمارس الزنا بصورة متخفية مقابل إغراء مالي، خاصة وأن الأموال الآن أصبحت في يد من لا يعرف حرمة الأعراض.
وتضيف د. آمنة "للآسف الشديد - وأقول للآسف - أن هناك عوامل أخرى يلعب فيها المجتمع دور رئيسي في ظل عدم وجود الحدود التي تحمس المرأة على التمسك بالتقاليد والأعراف في المجتمع، مثل العولمة وفتح الأطباق اللاقطة على كل شاردة وواردة، مما أصاب الكثير من البيوت بالخلل بسبب ما تقدمه تلك الأطباق من إعلام لا يراعي حرمة البيوت، ولا يساعد ضعاف النفوس في عدم الانزلاق، وأصبحت القنوات الفضائية تتسابق في بث كل ما يتعارض مع قيمنا والفطرة السماوية."
و ترى د. آمنة أن "علاج تلك القضية له منابع كثيرة أول المنابع كيف نربي بناتنا على الانضباط الخلقي والديني وإعادة الحياة إلى الفطرة التي فطرها الله تعالى لضمان عدم انزلاق الزوجة في الرذيلة، كما على الأسرة (الأم والأب) أن يتعلموا كيف يبنوا جسورا مع أولادهم سواء كانوا بنينا أو بنات لتعود روح الصداقة داخل الأسرة والعلاقات الحميمة التي تدفي حياة أولادنا حتى يؤهلوا لمواجهة أي إغراءات. كما أن على المؤسسات الدينية والتربوية في المجتمع معالجة هذه القضية بشكل علمي وأكاديمي لنحمي المجتمع ككل من الرذيلة."