الفلكلور المقدسي في استقبال حجاج بيت الله الحرام
مهما تكن حرارة الوداع قاسية فإن حرارة الإستقبال تكون أشد وأقوى ابتهاجا وفرحا بالقادمين من بيت الله الحرام بعد تأديتهم فريضة الحج , فما إن يعلم أهل البلدة أو القرية بإقتراب موعد قدوم ركب الحجيج حتى يبدؤوا بتزيين البيوت وشوارع الحارات والميادين والدواوين العامة المخصصة لاستقبال أهل القرية,بالأنوار والزينات المختلفة الأشكال والألوان.
فنرى عندها الزينات معلقة هنا وهناك,وقديما كان التقليد المتبع في تزيين بيوت الحجاج هو بتعليق سعف النخيل وقصفات شجرة السرو واليافطات التي يظهر عليها اسم الحجاج والتمني له بأن يكون حجه مبرورا وسعيه مشكورا على مدخل المنزل فكان الناظر من بعيد يعرف أن هذا البيت عاد أهله من الديار الحجازية.
تلك الطقوس التي يظهر فيها اللون الأخضر الجميل الدال على الخير وكان المعتقد السائد حينها بأن التزيين بسعف النخيل هو نوع من التيمن بالرسول عليه الصلاة والسلام وهنا يشار الى هجرة الرسول واستقبال أهل المدينه له بهذا النوع من الشجر.
وصول الركب:
حيث تبدأ عيون الأطفال بالترقب وتنتظر لحظة الوصول كي تنعم بدفء حضن الجد أو الجدة والحصول على أجمل الهدايا الجميلة من الأراضي الحجازية التي غالبا ما كانت الدشداشة البيضاء مع الطاقية و أشهى و أجود أنواع التمور والسبح “المسابح” و المصاحف ولا تخلو الهدية من ماء زمزم حيث تقدم كضيافة للمهنئين و الضيوف.
استقبال الحجاج:
اليوم الذي يسبق وصول الحجاج الى بيوتهم لا يقل ابتهاجا وفرحا وسعادة عن يوم العيد فتجد أهل الحجاج وأقربائهم و أصدقائهم يتجمعون عند بيوت الحجاج ويساعدون أهل البيت بالتزيين و بالتنظيف والترتيب وعمل أشكال وألوان مختلفه من الأكلات والحلويات الفلسطينية الشهيرة واللذيدة.
وما أن يصل الحاج الى مدخل قريته أو مدينته حتى تبدأ مراسم الاستقبال والتهنئة بالزغاريد والأناشيد المرحبة بحجاج بيت الله الحرام.
و كان من المتبع قديما أن يحضروا الغنم ويقومون بذبحه فور وصول الحاج ومن ثم يبدؤون باعداد وجبات الطعام للضيوف وتوزيع كمية منها على الفقراء والمحتاجين.
ومن الأناشيد التي ترددها النسوة في استقبال الحجاج:
يا زبيب ع قضامة يا زبيب ع قضامة
وحجاج بيت الله رجعوا بالسلامة
ومن الأغاني المخصصة لابنة الحاج:
فاطمة يا بوي .. واضوي العقود
حجاج أبوك .. لفوا بالأسود
فاطمة يابوي .. واضوي القناديل
حجاج أبوك .. لفوا بالتنابيل
فاطمة يابوي .. واضوي الشمع
حجاج أبوك .. لفوا على الديوان
فاطمة يابوي .. واضوي العلية
حجاج أبوك .. لفوا البرية
وتستزيد النسوه في مدح الحاجة والأنشاد لها بالعودة الميمونة والدعوة لها بالمغفرة مصورينها بالطهر قائلات:
حجينا ونلنا .. بشروا أحبابنا .. حجينا ونلنا
ع الرمل تمشي .. ما أحلاك يا حجة
ع الرمل تمشي .. حنة ونكشة
زينوا دارنا .. حنة ونكشة
ما أحلى حلقها .. مع بياض عنقها
ما أحلى حلقها .. للي خلقها
وقفة محرمة .. للي خلقها
ويرددن الحمد والثناء لله الكريم الذي أعاد لهم حجاجهم سالمين فيقولون:
الحمدلله يا الله .. زالت الهموم
ان شاء الله .. ألمي على مجراها
والسعد جانا .. من الله
من قفى السور دوري .. بيضا يا ام الوشام
مرحبا بحجتنا غايبي .. صار الها زمان
من قفى السور دور .. أبيض يا رجال
مرحبا بأبو محمد .. غايب له زمان
ما أجمله من احتفال وما أحلاها من سهرات حين تبدأ صواني التمور وماء زمزم تقدم للضيوف وتنبعث رائحة القهوة مع صوت الأناشيد والمدائح,حيث تزيدنا شوقا ولهفة للقاء الكعبة المشرفة وزيارة نبينا وشفيعنا محمد صلوات الله عليه فتكون سهرات فرح وخير وبهجة ونور.
اللهم ارزقنا الحج وزيارة بيتك الحرام وتقبل اللّهم من حجاجنا واجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا يا رب العالمين.