صحابة الرسول وحالهم مع رمضان :
كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم – رضى الله عنهم وأرضاهم - يستعدون لشهر رمضان من قبل أن يهلّ بستة أشهر ويلحون على الله ألا يحرمهم بلوغه ثم يأتى الشهر الضيف العظيم فيجتهدون فيه ويبذلون ما يملكون من جهد ومجهود فى اتمام الطاعات والقرب الشديد من رب الخيرات فى شهر المكرمات ,, فالفرصة قد حانت والرحمات قد نزلت والجنة قد استعدت والنيران قد أغلقت والشياطين قد صُفدت والهداية قد اقتربت والأنوار قد حلّت والظلمات قد رحلت .. فسبحانه من رب عظيم قائل : شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) . سورة البقرة آية 185. ثم اذا اقترب الضيف من نهايته وبدا يبزغ ايذانا برحيله أخذهم الحزن وسيطر عليهم الهم . وراحوا تعلوهم الهمة العالية والالحاح على الله لمدة ستة أشهر تالية لما بعد رمضان يسألون ربهم أن يتقبله منهم وان لا يحرمهم فيه من رحمته ومن مغفرته ومن عتقهم من النيران .
سبحان الله :
سبحان الله , يقضون عامهم كاملا مع رمضان استعدادا قبله ثم اجتهادا عند حلوله ثم تضرعا والحاحا على ربهم بعد رحيله بأن يتقبله منهم . ماهذا الجمال الذى كان عليه صحابة رسول الله ؟؟ مهمومون بربهم منشغلون بعبادتهم مقبلون على رمضانهم مستعدون لآخرتهم , فرضى الله عنهم وأرضاهم وجعلنا فى مثل أخلاقهم ومٌحّياهم . ولم لايكون ذلك الهم والانشغال والجمال التعبدى والهمة العالية وهم الذين تربوا على يدى قائد الأمة وسيد ولدها وشفيع عبادها وزينة رجالها حبيب الله الرحمة المهداة والنعمة الكبرى .. صلى عليك الله يا علم الهدى ماهبت النسائم وماناحت على الأيك الحمائم صلاة تكون لنا شفيعة وعند الله متقبلة ولحبيينا محمدا واصلة له ومسموعة .
حالنا الآن :
ثم اذا نظرنا الى حالنا الآن ... لوجدنا الفضائيات تستعد ايضا قبل حلول الشهر بفترات طويلة قد تبدأ من بعد رمضان حتى رمضان الذى يليه , ترسل عبر شاشاتها كل يوم النداءات والاستغاثات : لاتذهبوا فى مكان آخر .. فمسلسلاتكم عندنا .. واسألوا من جربنا وفاز ببرامجنا ... رمضان معنا أحلى ... رمضانك عندنا ... كما عودناكم فى رمضان ... انتظروا المفاجآت فى رمضان .... رمضان السنة دى غير معانا .. رمضان بيجمعنا .. ثم تتبارى القنوات الفضائية وتتنافس .. وياليتها تتنافس على فعل الخيرات وارضاء رب السموات ؟ والخروج بأمتنا بأمن وأمان من المتاعب والمشكلات ومن كثير الفتن والمضلات . بل أنها تتنافس على كيفية جذب المشاهدين اليها فى شهر رمضان والاستمتاع بما سيتم عرضه من ابداعات فنية . وتقوم بمجهودات جبارة وتنفق الملايين فى اعداد الجديد من البرامج والسهرات من الأفلام والمسلسلات والفكاهيات والفوازير . فى حين ان هذه الملايين تسد ملايين من بطون الجياع وتزوّج ملايين من الشابات والشبان وتقضى حوائج ملايين من الفقراء والمُعوزين . ثم نسمع كثيرا مانسمع يوميا النصائح الغالية والصرخات المدوية منهم بعدم الذهاب الى فضائيات اخرى , لأنه فى حال اذا تم ذلك فلن تكون الا الخسارة الكبيرة لما سيفوت المشاهد من خيرات كثيرة .
ياأحبابنا ... رفقا بنا وبشهر ربنا :
نناشد ونرجو السادة الأفاضل الكرام أصحاب الفضائيات : ارحموا من فى الآرض يرحمكم من السماء .. وبكل الحب والاحترام أسوق لحضراتكم بعضا من المعانى الهامة التى تهمنا وتهمكم وتسعدنا وتسعدكم وتنجينا وتنجيكم .. ولم لا ؟؟ وهذا الشهر العظيم فيه ليلة خير من ألف شهر . شهر نسبه الله اليه فى حديثه القدسى : الصوم لي وانا أجزى به . شهر أنزل الله فيه القرآن بوحى أمين – جبريل – على نبى أمين – محمد – من أجل سعادة البشرية قاطبة .
(( فكونوا يارعاكم الله .. مفتاحا لكل خير .. ومغلاقا لكل شر ))
نرجوكم ساعدونا ولاتحرمونا ولا تحرموا أنفسكم .. لاحرمكم الله ولا إيانا من جنته . وأخيرا يا أحبابنا :
سألناكم الرفق بنا وبكم فى شهر رمضان شهر ربنا , لأنه شهر ذو خصوصية وروحانية , شهر من فاته فيه الخير فقد فاته كل خير شهر من حرم فيه من الرحمة والمغفرة والعتق من النيران .. فمتى بالله عليكم تحصد مثل هذه الكنوز ومتى بها وبأى عمل يساعده على أن ينعم بها ويفوز ..
ياأحبابنا رواد الفضائيات ..
سالناكم الرفق بنا لأن رمضان فرصة قد لاتتكرر .. فما يدريكم ومايدرينا ألرمضان المقبل لنا نصيبا ... أم سنكون ضعفاء بين أيدى خالقنا قد فاضت روحنا وطويت صحائف أعمالنا ونزلنا قبورنا وبكى علينا صحابنا وأبناؤنا ونساؤنا. واستقبلنا فى قبرنا منكر ونكير لحسابنا وسؤالنا .. ليتحدد بذلك ومن لحظتها مصيرنا فاما الى جنة ربنا – جعلنا الله واياكم منهم – واما معاذ الله الى غيرها – حمانا وحماكم الله منها ومن لهيبها .
إلهنا وسيدنا وخالقنا وبارئنا :
ما ألطفك بنا مع عظيم جهلنا وماأرحمك بنا مع قبح فعالنا , ما أقربك منا وما أبعدنا عنك , ما أرأفك بنا , فما الذي يحجبنا عنك ؟ قد علمت باختلاف الآثار و تنقلات الأطوار أن مرادك أن تتعرف إلينا في كل شيء , حتى لا نجهلك في شيء . كلما أخرسنا لؤمنا أنطقنا كرمك , و كلما أيأستنا أوصافنا أطمعنا منتك . حكمك النافذ و مشيئتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالاً , ولا لذي حال حالاً . كم من طاعة بنيتها و حالةٍ شيدتها , هدم اعتمادنا عليها عدلك , بل أقالنا منها فضلك . أنت تعلم و إن لم تدم الطاعة منا فعلاً جزماً , فقد دامت محبة و عزماً .
كيف نهزم و أنت القاهر ؟ و كيف لا نعز و أنت الآمر ؟
اللهم فاجمعنا عليك بخدمة توصلنا إليك وبلغنا رمضان ونحن وبلادنا وكل بلاد المسلمين فى أمن وأمان ورخاء وخيرات وقرار واستقرار وعز وفخار ورحمة وهداية