مسيحيا
مدينة القدس مذكورة في إنجيل مرقس تحت اسم "أورشليم"
تسمى فلسطين عند المسيحيين بالديار المقدسة، إذ بحسب الإيمان المسيحي، ولد وعاش فيها يسوع المسيح ورسله وحدثت معظم الأحداث المذكورة في العهد الجديد والعديد من الأحداث المذكورة في العهد القديم. وحسب التراث المسيحي انطلقت البشارة المسيحية من الجليل ويهوذا، أي من شمالي فلسطين وأوساطها، وانتشرت في أنحاء العالم. لذا تحتوي فلسطين على العديد من الأماكن المقدسة للمسيحيين وعلى رأسها مدينة بيت لحم، مسقط رأس المسيح حيث كنيسة المهد، ومدينة الناصرة حيث تلقت مريم العذراء البشارة بولادة المسيح من الروح القدس وحيث ترعرع المسيح بعد عودة أهله من بيت لحم، ومدينة القدس، أو أورشليم باسمها المسيحي التقليدي، حيث دعا المسيح أهل يهوذا إلى اتباعه إلى أن خطى خطواته الأخيرة على طريق الآلام ومن ثم تم صلبه ودفنه، إذ يؤمن المسيحيون بوجود قبر المسيح في كنيسة القيامة بالمدينة. كما توجد غرب جنين كنيسة أشفى في مكانها المسيح بمعجزته عشرا من المرضى بالبرص، وهي كنيسة برقين. وكذلك يقدس المسيحيين أماكن مختلفة في الجليل وخاصة حول بحيرة طبريا وعلى ضفة نهر الأردن. وكذلك يقدس المسيحيون بعض الأماكن المذكورة في العهد القديم والتي يقدسها اليهود والمسلمون أيضا مثل الحرم القدسي والحرم الإبراهيمي في الخليل وغيرهما. كانت المسيحية في فلسطين متأثرة منذ البداية باتجاهات مختلفة، فمنذ القرن الأول الميلادي تعايشت في الأراضي المقدسة عدة طوائف مسيحية مختلفة مع بعضها البعض. ولم ينقطع الوجود المسيحي في فلسطين إلى يومنا هذا.
تعتبر كنيسة القيامة في القدس إحدى أهم الكنائس في العالم، ويحج إلى فلسطين آلاف المسيحيين سنويا قادمين إلى بيت لحم والقدس والناصرة ومناطق أخرى مختلفة من فلسطين التاريخية.
يهوديا
يطلق اليهود على فلسطين اسم "אֶרֶץ יִשְׂרָאֵל (لفظا: إرِص يسرائيل أو إيرتس يسرائيل)" (أي "بلاد إسرائيل") أو الأرض المقدسة أو أرض الميعاد، نسبة لما يقال عنها في التناخ (العهد القديم في المسيحية): "الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم" (سفر التثنية، الأصحاح الأول،
. بحسب الايمان اليهودي، كانت فلسطين الأرض التي أقيمت فيها مملكة إسرائيل، قبل أنفصالها إلى مملكتي إسرائيل الشمالية ويهوذا، وينسب اليهود المعاصرين أنفسهم إلى أبناء مملكة يهوذا القديمة التي كانت عاصمتها أورشليم (أي مدينة القدس) والتي وقف فيها هيكل سليمان، وهو المركز اليهودي القديم. وتقدس طائفة السامريين القريبة من اليهود دينيا وثقافيا، جبل جرزيم قرب نابلس.
في التراث اليهودي تعتبر القدس، الخليل، طبريا وصفد المدن المقدسة الأربع إذ توجد فيه أماكن ذات أهمية خاصة في الديانة اليهودية وفي تاريخ الشعب اليهودي. ويعتبر حائط المبكى (المسمى أيضا ب"الحائط الغربي"، أو ب"حائط البراق" عند المسلمين) أكثر مصلى يهودي أهمية في أيامنا ويحتشد أمامه المصلين اليهود على مدار السنة، وخاصة في الأعياد اليهودية. ويقدس اليهود الحرم الإبراهيمي في الخليل كما يقدسونه المسلمون والمسيحيون، وكذلك أماكن مختلفة في الجليل.
في الشريعة اليهودية هناك وصايا يمكن تطبيقها في الأرض المقدسة فقط، ويتعلق معظم هذه الوصايا بالأعمال الزراعة . ومن أبرز هذه الوصايا هي وصية الشميتا.
التسمية والحدود
الخارطة الطبوغرافية لفلسطين
كان أول من استخدم اسم فلسطين إشارة إلى جنوبي بلاد الشام هو المؤرخ الإغريقي هيرودوت في مؤلفاته من القرن ال5 ق.م. وقد استخدم هيرودوت اسم فلسطين كمصطلح جغرافي، حيث أشار إلى منطقتي بلاد الشام وبلاد الرافدين ك"سوريا" وإلى جنوبها ك"فلسطين" (Παλαιστινη "پَلَيْسْتِينِيه") أو "سوريا الفلسطينية". وعلى ما يبدو استعار هيرودوت هذا الاسم من اسم "پلشت" الذي أشار إلى الساحل الجنوبي ما بين يافا ووادي العريش حيث وقعت المدن الفلستينية. وكان الفلستينيون من شعوب البحر ومن أبرز الشعوب التي عاشت في منطقة فلسطين من القرن ال12 ق.م. ولمدة 500 عام على الأقل.
ولم يستخدم اسم فلسطين كاسم منطقة ذات حدود سياسية معينة إلا في القرن الثاني للميلاد عندما ألغت سلطات الإمبراطورية الرومانية "ولاية يهوذا" (Provincia Iudaea) إثر التمرد اليهودي عليهم عام 132 للميلاد وإقامة "ولاية سوريا الفلسطينية" (Provincia Syria Palestinae) محلها.
من الناحية الطوبوغرافية ونباتية يمكن استخدام معايير مختلفة لتحديد منطقة فلسطين، ولكنه يمكن بشكل عام وصفها كالمنطقة الممتدة من نهر الليطاني في لبنان شمالا إلى رأس خليج العقبة جنوبا، ومن البحر الأبيض المتوسط غربا إلى الضواحي الغربية للبادية السورية في الأردن شرقا. ويمكن أيضا اعتبار صحراء النقب جزءا طبيعيا من شبه جزيرة سيناء وعدم شموله بمنطقة فلسطين جغرافيا.
والحدود المشار إليها اليوم كحدود فلسطين التاريخية هي نتيجة سلسلة من المفاوضات والاتفاقيات بين الإمبراطوريات التي سيطرت على الشرق الأوسط في مطلع القرن الـ 20 والتي أدت كذلك إلى تصميم الحدود السياسية في عموم الشرق الأوسط.
حدود فلسطين التاريخية ("من النهر إلى البحر") هي البحر الأبيض المتوسط غربا، "خط رفح العقبة" الذي يفصلها عن سيناء من الجنوب الغربي، رأس خليج العقبة جنوبا، وادي عربه، البحر الميت ونهر الأردن شرقا، ومنحدر هضبة الجولان قرب شواطئ بحيرة طبريا الشرقية ومسار نهر الأردن الشمالي في الشمال الشرقي. ويحد فلسطين شمالا لبنان في خط متعرج يبتديء غربا برأس الناقورة على البحر الأبيض المتوسط، ثم يتجه شرقا إلى قرية يارون، فينعطف شمالا حتى المكان حيث وقعت في الماضي قريتي المالكية وقَدَس وحيث تقع بلدة المطلة ثم شرقا إلى تل القاضي وغربا إلى نقطة قرب منبع بانياس. ويشكل مسار الحدود الشمالي الشرقي صورة إصبع حيث أطلق على هذه المنطقة اسم "إصبع الجليل".