يا ويلنـّـا ، ويا سوء فِعلتِـنّــا ..!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عظيم الثناء ، والشُكر له بارئ الارض والسماء ، والصلاة والسلام على خير خلق الله النُجباء ، نبينـا محمد هو إمامنا وسيد الأنبيـاء ، وعلى آله الأطهـار الأتقياء ، وصحابته البررة الأصفياء ، ومن تبعهم بإحسان وسار على دربهم إلى يوم القيامة والإبتلاء

فيا ويلنّـا ماذا عملنّا بدُنيانّـا ،
يا ويلنّـا ماذا كسِبنّا من أعمالِنّـا ،
يا ويلنـّا ويا بؤس كِتَابِنّا ماذَا عساهُ مكتُوبٍ فيه !
يا ويلنّـا إن عمِلنّا .. وعمِلنّا .. ثم عمِلنّا ثم جاءنّا يوم القيامة وكان هباء !
يا ويلنّـا اين نحن والإخلاص ؟ يا ويلنّـا ماذا فعل أحدُنّا بمقالهِ أو بيانهِ ؟ أأختلط مع الإخلاص أم كان متفرداً دونه ؟!
وآآعمــلاه يوم الحصاد ! ، قال تعالى : e]وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ]
يوم يحصد كُل ذِي نفسٍ ما جنّاهُ ، فيا ويلنّـا أين نكون حِينهـا ؟ أنكون مع السعـداء المُخلصين فنسعد ؟ أم مع الأشقيـاء المنافقين فنشقى ؟

ألم تفهم لِماذا نُولّوِلُ على أنّفُسِنـّا !
وكيف لنّا ألا نُولّوِلُ والنّفسُ تدّفعُ بالريـاء ؟ ، فنعملُ ونكتُبُ ونُجادِلُ ، فنعمل بالصلواتِ والزكواتِ ، فنركض للصلاة ونُبادر بالزكاة ، ونُفني العُمرَ بجمعِ أموال الحجٍ والعمرةٍ ، ونُطعم ذاك الفقير ، ونُكسي ذلك العرّيان ، ونبنّي البيوت ، ونفُك العانّي ، ونُغيث الملهوف ، ونسعى بالإصلاح ، ونكتب فننصح هذا ، ونُنزل بياناً عن ذاك ، ونُنشئ المواضِيع والمقالات في سنِّ سُنةٍ أو إبطال بّدعةِ ، ونُحُظ على الخير ، ونخطِبُ بالناس بالعفاف والتقوى والإيمان ، ونُجادل المُخطئ حتى نُرجِعه ، ونُناظِرُ المخدوعَ حتى نُبين له ، ونُناقش الجاهل لنُعلمهُ ونفقههُ ...
كُل ذلك عملناّه ، وبذلنّـا فيه الجهد ، وأفنينّـا فيه العُمر ، وأتعبنّـا به الجسد ، وأهلكنّـا به الأموال ، ثم ماذا ؟
e]وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ]
ثم هبـاء منثوراً !!
أَبعدّ ذلك كُلهِ يكون هباءً ، أَبعدّ ذلك يكون منثُوراً ، أّبعدّ ما قضينّـا يكون حالنـاّ قاب قوسين من النار أو فيها ؟!!

نعم أخوتي ، أنه الرياء ، وأنه الإخلاص ، متضادان لا يلتقيان ، ودوماً هما متوازيان عند المسلم فلا تقاطع بينهما ، فيا تُرى أي سبيلاً منهما قد أخذت لإنزال مشاركتك أو موضوعك ؟
الإخلاص ؟ أم الرياء ؟ أم الرياء المُقنّع بالإخلاص حتى تُذهِب عنك التأنيب ؟!

يا ويلنّـا إن كان ما نكتب سبباً في نجاة الآخرين وهلاك أنفسنا ..
يا ويلنّـا إن نجـا التابع وهلك المتبوع ..
يا ويلنّـا إن فرح بالجنة القارئين لمقالنّا ، وشقونّا بهِ في النار ..
يا ويلنّـا أن كان ذلك حُجة علينـا لا حُجة لنّـا ..

وصدق من قال : قل للذي لايخلص لايُتعب نفسهُ .
فأنتظر قبل أن تكتبت وتُنشئ ، واسأل نفسك .. أأنا مُخلص ؟ وأنظر لحالك .. أأنا من العاملين ؟
حان وقت السؤال والإمتحان ، فليسلئن كُل فردٍ منكم نفسه وليُحاسبها ، فو الذي نفسي بيده ، لئن يهيمُ أحدُنـّا على وبجههِ في الطُرقات كالنِعاج خيراً لهُ من أنَّ يدخُلَ في وعيد ملك الأرض والسموات ..
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ]

إنه الإخلاص ، وما أدراك بالإخلاص ، أهلك أقواماً ، ورفع آخرين ، بعثر جماعاتٍ وجمْع آخرين ، أصلح أعمال بعضنّا ، وأفسد أعمال الآخرين .. فكم من طالبٍ للخير لا يبلُغه !!
وصدق الإمام أبن رجب الحنبلي -غفر الله له- عندما قال : يا ضيعة العمر إن نجا السامع وهلك المسموع،ويا خيبة المسعى إن وصل التابع وهلك المتبوع .
فلله ما سوء أقوامٍ يأتون يوم القيامة أغنياء وحسناتهم تملئ السِجلات حتى تُصبح كالجبال الراسيات ، وفي غمضة عين تُصبح كالهباء المنثور في الفلوات ، لا ترى له إلا دقيقاً كحبات رملٍ بين أرضٍ وسماوات !
ولله درُ اقوام يأتون يوم القيامة لا يجدون لهم إلا عملاً واحداً حيرانّ ، فيوضع في الميزان ، فترجح بهم الكفة ويربحون الغلّة من الرب الديانّ !
ويا ليت شعري ما فرّق بين أولئك وهؤلاء إلا الإخلاص !

ولله ما أصدق أحد العالمين بالإخلاص حين قال : من سرَّه أن يُكمَّل له عمله فليُحسِّن نيته فإنَّ الله عز وجل يأجر العبد إذا أحسن نيته حتى باللقمة يأكلها .
فهذا هو الإخلاص وما يفعله ، فهو يقلِّب الأجر إلى إثم ، ويقلِّب الإثم إلى أجر ، فما بالك لو صادف ذلك نفساً مريضة ، بآيات الله عارضة مُستهينة ، وبمحاذيره مقترفةً مستبيحة ، وبشهواتها لاهيةً مستفيضة ؟!!

فقِف .. وأخلص قبل أن تكتب .. فو الله لنعرفنّك يوم القيامة من بين الخلائق ، أكنت مُرائياً أم مُخلصاً .

بارك الله فيك