غزة-فلسطين برس-وكالات- شمالاً أو جنوباً في قطاع غزة، شرقاً أو غرباً ستجد من يعيش في كرفان، يفترشه، يحاول أن يشعر أنه بيته، وأنه يمكن أن يأكل ويشرب وينام ويستريح فيه ، ويطلق العنان لمخيلته، فقد كان هناك بيته الأسمنتي ويوما ما قد يعود.
ويقول بعضهم " الخطأ الأكبر أننا أزلنا الركام المهدم في قطاع غزة، جاء بان كي مون ولم يجد غزة مدمرة، ولم يجد ركاماً فكيف لنا أن نقنع العالم أننا لا زلنا نعيش فوق الركام وننتظر الإعمار"؟
ويقول أحد مهندسي قطاع غزة كان مكلفاً بتوزيع قرابة 192 كرفاناً تبرعت بها تركيا للمتضررين الباحثين عن المأوى، أن عٌمر هذه الكرافانات طويل ولكن من وزعت عليهم ظنوا أنها لمدة زمنية وجيزة ولم يعتقدوا أن المدة قد تطول لتصبح عامان أو أكثر.
هذه الكرافانات مصنوعة من الألمنيوم ولا تتجاوز مساحتها بعض الأمتار القليلة أي انها تتسع فقط لسريرين ودولاب كما فعل هذا المواطن.
محمد عبد ربه محمد عبد ربه " أبو سهل" ، رجل قارب العقد السادس من عمره، وزوجته سعاد التي يحلو له أن يناديها دوماً "سوسو" هي أيضاً زوجة مسنة جريحين فقد أصيبا بنيران الاحتلال الاسرائيلي الذي سوى قرابة خمسين منزلاً بمنطقة عزبة عبد ربه شمال قطاع غزة بالأرض في حربه على قطاع غزة أواخر عام 2008 وبداية العام 2009 وقصف أجزاء عشرات المنازل الأخرى.
هما والدان لثمانية أبناء، كان بيتهم الإسمنتي مبنياً على مساحة خمسمائة متر مربع ويحيطهم من كل مكان أرض زراعية تذخر بالخيرات وبشتى أنواع الأشجار، بدأ العدوان في السابع والعشرين من ديسمبر 2008 ومكثت العائلة في المنزل القريب من الحدود الشرقية لقطاع غزة خمسة أيام، حاصرهم جنود الاحتلال وأجبروهم على الخروج بعد ان اصيب عدد منهم بجراح بينهم الوالد والأم المسنة، خرج الجميع يرفعون الراية البيضاء وبصعوبة تمكنوا من الهرب إلى وسط بلدة جباليا النزلة حيث الأقارب، وبعد انتهاء الحرب عادوا ليجدوا منزلهم قد سوي الأرض ومعه كامل تحويشة العمر، وملابس الأبناء وشققهم السكنية بكل ما تحوي من أثاث منزلي، حتى اليوم في الذكرى الثانية للحرب، ينتظر هؤلاء أعادة إعمار بيتهم ولم شملهم تحت سقف واحد كما كانوا.
أم السهل هي الأم الكبيرة لديها خمسة من الأحفاد، تضطر الجدة للذهاب بعيداً عن غبار وتراب الكرفان إلى حيث الأقارب، تعجن العجين وتخبز الخبز، وحين الانتهاء تهاتف أبناءها لإعادتها إلى الكرفان، تجلس بجانب زوجها وتلاعب الصغار الذين لا ينفكون عن زيارتها إلى حين يسدل الليل أستاره فيغادرون إلى حيث استأجر ثلاثة من الأبناء بيتاً هناك يمضون ليلتهم وعند الصباح يعودون إلى حيث الوالدين كبار السن فيمكثون يومهم وهكذا دواليك بانتظار اليوم الذي يبدأ فيه إعادة إعمار منزلهم.
كثيرون هم من شتت الحرب شملهم، في عزبة عبد ربه وحدها دمرت آلة الحرب الإسرائيلية 53 بيتاً تدميراً كاملاً، وسبعون بيتاً آخراً تضرروا بشكل جزئي، الجزء الأكبر منهم يعيشون في بيوت مستأجرة والكثير من هؤلاء غادر بيت الأقارب لأن الضيف مدته ثلاثة أيام، فقد استثقلوا بقاءهم لدى الأقارب هذه المدة الطويلة,
يشتكون ارتفاع أسعار الإيجار ولكنهم يضطرون لذلك ويبقى الأمل لديهم أنهم سيعودون للبناء وهم كما يقول أبو السهل عبد ربه على أتم الجاهزية للبدء بإعادة إعمار منازلهم حين يرفع الحصار عن مواد البناء لقطاع غزة.