ربما سمعنا عن قصص اغتصاب وقتل قام بها خال بابنة أخته..أو قرأنا عن مثل هذه الحالات التي تقشعر لها الأبدان في مجلات الفضائح أو في مواقع انترنت متخصصة بالجرائم...لكننا لم نسمع أو نقرأ عن مثل هذه الجريمة أن جرت في بلادنا، وتكشفت أسرارها في وسائل الإعلام.
الجريمة وقعت في أريحا وليس في شيكاغو..والمجرم متزوج وأب لأربعة أطفال وليس بشاب طائش في مقتبل العمر..والضحية طفلة طالبة في الصف السابع لم تتجاوز الثالثة عشرة من العمر وليست بشابة ذات جمال أو من أتباع الموضة.
القصة كاملة يرويها لنا عم الضحية محمد الجعفري...
الجزء الأول... اغتصاب في العشر الأواخر من رمضان
وقائع الجريمة جرت في العشر الأواخر من رمضان الماضي بينما كانت الطفلة آيات الجعفري 12 عاما تقضي الأيام الأخيرة من عطلة المدرسة تلهو وتلعب فرحا لوجودها في دار جدها حيث عزومة رمضان الاعتيادية، لكن خالها نفذ الجزء الأول من جريمته البشعة، فخطف أغلى ما تملك الفتاة عندما قام بتخديرها عن طريق المنوم ثم اغتصبها وأفقدها براءة الطفولة، وجاء عيد الفطر..وذهبت على المدرسة، ولم تكن آيات تعلم ما فعل بها خالها، وكذلك أهلها.
شعرت الطفلة آيات علامات تغير على جسمها، أولها انقطاع الدورة الشهرية حيث فسرت والدتها ذلك بعد سؤالها لبعض الأقارب، إن ذلك شيء طبيعي إذا وصلت لسن البلوغ مبكرا، وزاد وزنها، حيث أكدت والدتها أنه بسبب قلة الحركة والأكل الكثير.
وخلال ذلك كانت جدتها وأحد أخوالها يقيمون عندهم في بيت لحم لوجود ابنته في مستشفى الكاريتاس، وبعد شفاء ابنة خالها سمح لها أهلها –باعتبارها الطفلة الوحيدة المدللة بين أشقائها الثلاثة- بالمكوث في أريحا خلال فترة إضراب مدارس وكالة الغوث وعدم وجود دوام مدرسي، لحين عيد الأضحى.
الجزء الثاني.. كشف الحمل وفبركة القصص
أما الجزء الثاني من جريمة الجاني كانت عندما جلس مع ابنة أخته "آيات" في المنزل –لاستدراجها بالحديث ليعلم إن كانت تعلم ما قام به معها- فقال لها انه يشعر بأنها غير طبيعية وحزينة وأشعرها بأنه الصديق القريب المحب، فارتاحت له وأخبرته عن انقطاع الدورة الشهرية وزيادة وزنها.
وبعد أن أقنعها بأنه سوف يقوم بإجراء الفحوصات اللازمة لها..قام بأخذ عينة من بولها وتوجه إلى الطبيب وأقنعه كذلك أن العينة لزوجته "المنقبة" التي لن يستطيع إحضارها للفحص، وكشف التحليل لعينة البول عن وجود حمل في الشهر الأول، فاضطر الجاني إلى فبركة قصة جديدة للطبيب أخبره فيها أن ابنة أخته تقيم علاقة غير شرعية مع "عشيقها"، ووعده الطبيب بالسرية.
وهنا قام الجاني بأخبار زوجته بالقصة المفبركة وأنه حريص على سلامتها وعدم عائلتها بالحمل، وأجبرت الزوجة على السكوت والذهاب معه برفقة آيات إلى الطبيب، حيث فحصها الطبيب وأثبت الحمل، فطلب الجاني من الطبيب دواء لإنزال الجنين (حفاظا على سمعة العائلة) لكن الطبيب رفض لأن جسمها لن يتحمل هذا النوع من الأدوية.
الجزء الثالث... قتل الضحية بالسم
الجزء الثالث من الجريمة..أقنع الجاني آيات بدواء ليشفيها من الأوجاع، لكن هذا الدواء كان عبارة عن سم قاتل أراد به أن يتخلص منها، حيث طلب منها تناول الدواء (السم) في الحمام، حيث وقعت صريعة وتوفيت على الفور.
وعلى الفور قامت عائلة جدها بالاتصال بأهالها في بيت لحم وأخبروهم بأن آيات توفيت بعد سقوطها في الحمام.
الشرطة والتحقيقات...
أما من جانب الشرطة وتحقيقاتها..فقد قامت بالتحقيق مع جميع أقاربها ومعارفها، خاصة الأشخاص الذين كانوا في مكان الوفاة.
بداية الشك في الجاني...
وكان الجاني قد أخبر عم آيات (محمد) القصة المفبركة مع تغيير لبعض تفاصيل..حيث هددها الجاني بأنه سيخبر عمها إذا لم تخبره من عشيقها، وتركها تفكر.. فاضطرت إن تشرب من المواد الكيماوية التي تستخدم للزراعة لتنتحر، حيث وجدت عينة من بقايا الدواء السام في الحمام، وهنا شك العم بأن خالها يعرف من هو الجاني ويتستر عليه لأنه قام بعمل كافة الإجراءات دون الرجوع لأهلها، فقامت الشرطة باعتقاله مرة ثانية في اليوم التالي للحادثة.
فحوصات الـ DNA.. تكشف الحقيقة وتجبر الجاني على الاعتراف
بعد مرور شهر على الجريمة..والتحقيقات المتواصلة (حيث أخذت عينات دم من كافة الذين تم التحقيق معهم) وبناءا على طلب العائلة تم إجراء فحوصات الـ DNA في جامعة النجاح الوطنية حيث تبين من هو الجاني (الخال)..ولكن بسبب النسيج الاجتماعي المعقد الذي يربط العائلتين والروابط الأسرية القوية طالب عم الفقيدة بإجراء الفحوصات في الأردن للتأكد..وبالفعل استجاب د. سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني وأرسلت العينة إلى الأردن، وكانت النتيجة مشابهة، وكشفت الحقيقة للإعلام يوم الأربعاء الماضي.
وبعد تكشف حقيقة والد الجنين واجهت الشرطة الجاني (الخال) بالأمر، فلم يجد مفر من أن يعترف بذلك.
العائلة: نريد أن تكون قضية آيات بصمة لتغيير الثقافة العربية حول زنا المحارم
وبعد اجتماعات وأخبار العائلة المصغرة والكبيرة ووجهاء المنطقة تقرر إن يتم تحويل القضية إلى قضية رأي عام ليكون ذلك بصمة لتغيير الثقافة العربية السائدة في المجتمع الفلسطيني التي تعتبر دائما إن الفتاة هي مجرمة وتجلب العار لأهلها، فنحن نريد إن نتعامل مع الفتاة بأنها ضحية لشبان ومراهقين ومجرمين.
ولذلك وضعنا خريطة لتحرك على أساسها، ففي البداية تم تحويلها إلى قضية رأي عام لتغير الثقافة والقانون، وجرت مظاهرة نسوية من تجمع المؤسسات الجمعة الماضي، هناك طاقم من المحاميين المتطوعين للدفاع عن الطفلة، مخطط لإنزال حافلات من المدارس والمؤسسات النسوية أثناء جلسات المحاكم للمطالبة بإعدام المجرم.
العائلة تطالب بإعدام الجاني
أما عن مطلب العائلة من القضاء..فقد طالب "محمد" عم الفقيدة آيات الرئيس محمود عباس بالموافقة على قرار حكم الإعدام بحق المجرم خاصة وأن الجاني جندي عسكري في قوات الأمن الوطني بمدينة أريحا.
والتحقيق ما زال مستمرا... والقضية ستتجه إلى الحل القضائي... ولعل الثمن الذي دفعته العائلة وإصرارها على الحديث سيكون بداية لوضع حد للانتهاكات التي تتعرض لها الفتاة الفلسطينية.