صناعة المرأة [1] : النموذج الذي نريد

صناعة المرأة : النموذج الذي نريد

تصنع المرأة المسلمة في مجتمعنا عملاً عظيماً سواء بثباتها على الأرض، وتحملها لمسؤولية البيت في غياب الزوج العامل أو الأسير أو المطارد أو الشهيد، كما تقوم بالتربية باذلة جهدها وإن لم تنجح كل جهودها دوما في رعاية نشئها، ودورها الجهادي المتنوع الأشكال لم يغفل ساحة القتال أو التعليم والعمل .

ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها الآن :

عن أي نوع من النساء أتحدث؟
وهل هذا النوع جسَّد كل أدواره على الأرض؟
وما الخطوات التي عليها قطعها لتكون المرأة النموذج ؟

ليس حديثي هنا عن تلك المرأة التي قادت النضال وخاضت غمار التجربة البرلمانية وتواجدت في المؤسسات النسائية والمحافل الدولية بل واقتحمت مجالات العلوم مثل الحقوق والقضاء والفن، من منطلق فقط أنها امرأة وأنها تريد التحرر من رجعية الإسلام الذي حصر المرأة في الحجاب وشؤون المنزل بحسب زعمهن.
حديثي عن المرأة المسلمة الملتزمة بحجابها والمعتزة بدينها وخُلقها، والتي لم تكتفِ بجعل الانتماء للدين بالاسم فقط؛ بل حرصت على جعله الواقع والمنهج.

مَن يُنكر أن وجود المرأة الحقيقي ودورها الأهم هو في بيتها؟ ومَن يُنكر تعاظم هذا الدور يومًا بعد يوم وخصوصًا في ظل ما نحياه من تحييد للتربية في عصر غدا فيه كل نشاط مؤثر على العقل الباطن والسلوك عن قصد وبدون قصد، ورغم ذلك، لا يعني هذا أبدًا أن نحصر المرأة المسلمة في البيت والمطبخ والزوج والأولاد.
في الجاهلية وئدت المرأة وأهينت وحُرمت حقوقًا كثيرة، ولمّا أشرقت شمس الإسلام أعيد للمرأة مكانها الرائد في قيادة المجتمع وصنعه فرأيناها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمًا وممرضة ومتعلمة ومعلمة ومجاهدة ومستشارة، لها حقوق كما عليها واجبات، فلم تُمنَع وتُقيَّد لحجابها، هذه الأدوار كلها مجتمعة قبل 1400 عام، فما بالنا بالحاضر والمستقبل الذي يتطلب وجودها في شتى الميادين؛ كي لا تنمو صورة المجتمع مبتورة تنقصها المرأة المسلمة الفاعلة التي تعي ما كانت عليه بالأمس وما هو مطلوب منها اليوم و غدًا وأين ستكون في المستقبل.

ميادين عمل المرأة المسلمة المطلوبة اليوم : الإعلام والعمل الإلكتروني، والاقتصاد، والسياسة، والحقوق والفن وعلوم النفس والاجتماع، هذا إلى جانب التعليم والصحة والهندسة، وبنظرة فاحصة فإننا لا نكاد نرى نموذجًا حقق الريادة في أحد هذه الجوانب!
ليس مطلوب من المرأة المسلمة التي نريد أن تكتفي بشهادة بكالوريوس ووظيفة مهنية لا تطور فيها أداءها، وحياة روتينية تصبح من البيت للعمل ومن العمل للبيت وفقط؛ بل مطلوب منها إلى جانب ذلك أن تطور مهاراتها وتكتسب مهارات جديدة، وأن توازن بين عطائها نحو الخارج والداخل، وأن تعطي كل ذي حق حقه، وأن يكون لها عمل تطوعي تسد به ثغرة في محيطها ومجتمعها.

وهنا أسأل :

كم امرأة مسلمة تتقن لغة أخرى غير العربية كالإنجليزية أو الفرنسية مثلًا أو غيرهما؟
كم امرأة مسلمة تتقن عملًا إداريًا أو تقود عملًا فنيًا موجهًا نحو رفع مستوى المرأة وملبيًا لاحتياجاتها؟
كم امرأة مسلمة تخوض غمار العمل في المؤسسات الحقوقية تصحح صورة الملتزمة وتطالب بحقوق قُتِلت لأن المتحصن بدينه مستثنى من شرعيات الدول الأخرى؟

المطلوب من المرأة المسلمة اليوم :

أن تقرر الانطلاق والتحرر من قيود الخجل والتردد، وأن تغدو أكثر ثقة بنفسها وبما تملكه من قدرات وطاقات، وأن تحدد ما تريد أن تكون عليه وما يلزمها لتصل إليه.
أن تعمل على صنع ذاتها صناعة متكاملة : إيمانًا وإخلاصًا، وعلمًا وعملًا، ثقافة ومهارة؛ لتكون قادرة على القيام بكل الأعباء والمسؤوليات.
أن تبذل جهدها في تحقيق التفوق والتميز في كل مجال تتواجد فيه اليوم، وتطوي صفحة الماضي بما فيه من تقصير، وما من مانع لانطلاقة وانطلاقات جديدة.
أن تجنِّد لذلك وقتها وتنظمه؛ لتوازن بين نفسها والآخر -الأهل،البيت،العمل،المجتمع-، ولتستدرك ما فات من تقصير وقصور.

عليها في كل وقت وحين أن تتذكر :

أن المجتمع سيحتضن ما لديها ويحترمها ويقدرها ويشجعها ما أحسنت تحقيق التكامل والتوازن في ذاتها وطموحها وسيرها.

أخي المسلم / أختي المسلمة :
إن التحديات التي تواجهها الأمة اليوم، والتحديات المفروضة على واقع المرأة المسلمة، لا يجدر بها أن تثبطنا وتُقعدنا، نحن مطالبون بالعمل والتجديد والإبداع، ومطالبون بتغيير الوسائل واقتحام الحصون في موازاة تحصين أنفسنا وتطويرها.
قوتك الحقيقية ليست وأنت تناقش شؤونك في بيتك فقط؛ بل هناك خارج الأسوار حيث يكمن التحدي الحقيقي.

إن للإسلام شمسٌ ما غابت ورغم المحن والفتن فإننا على يقين بنصر آخر يحتاج منا أن نكون أهلًا له
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد:7)

موضوع رائع جدا بارك الله فيك وجزاك خيرا

مشكور اخي على الموضوع

» عورة المرأة أمام المرأة
» ميسي : لا نريد مورينيو كحافز للفوز
» صناعة الذات قبل ادارةالوقت
» روبرتو مانشيني : نريد التعاقد مع غاغو في الصيف
» اولاس : نريد ان نكون العدو اللدود لمدريد