<TABLE style="WIDTH: 100%" cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0>
<TR> <td width=10></TD> <td align=right>إذا كان وجه الإنسان مرآة تعكس مشاعره وأحاسيسه سواء كانت تعبر عن الفرح أو الحزن أو الضيق من شخص ما أو تصرف ما، في المواقف المختلفة، ويكون للعيون دور كبير ورئيس في هذه المكاشفة، إلا أنه من نعم الله علينا أن جعل عقولنا داخل رؤوسنا مستترة، فلا يستطيع أي شخص قراءة ما فيها من أفكار وما تحويه من أسرار. وهي نعمة أن تبقى أسرارنا داخل نفوسنا دفينة؛ لأن كثيرا من هذه الأسرار قد يؤدي كشفها إلى ضرر يلحق بصاحبها سواء كان ضرراً مادياً أو معنوياً، خاصة إذا كان يتعلق بسلوكيات ربما تكون أفعالاً يخجل من إعلانها، ويصبح إفشاء سره فضيحة تؤذي سمعته. وربما يكون هذا السر شعور جميل، نبيل، بالحب نحو إنسان آخر، وربما يكون ذنباً اقترفه، ويشعر بوطأته على كاهله، ولا يحتمل كتمانه، فيرغب في إفشاءه، ليشعر ببعض الراحة أو لطلب النصح والإرشاد. وإذا كان للكبار أسرارهم في العمل والحياة؛ فإن للصغار أيضاً أسرارهم الصغيرة خاصة البنات، وفي سن المراهقة بالذات، حيث تتفتح القلوب على المشاعر الإنسانية النبيلة فهل تكتم البنات أسرارهن، أم تبوح بها لصديقاتهن وهن مثلهن لا يزدن عنهن شيئاً في الخبرة، فتفقدن النصح السديد، والرأي الرشيد. ولكن كثيرات أيضاً من تلجأن للأم للبوح لها بالأسرار، وفي الغالب، يرجع الفضل في ذلك للأم التي تكتسب من البداية ثقة ابنتها، وتقوي من جسور هذه الثقة، لتعبر عليها الابنة بأمان، وهو ما تجد في حضن الأم الذي يتسع صدرها لأسرار ابنتها وتجد النصيحة المنشودة. أمي بئر أسراري: قالت سالي طلعت ـ 18 سنة طالبة جامعية: أمي هي بئر أسراري. احكي لها عن كل شيء في حياتي؛ لأنني أجد معها الأمان والنصيحة الصادقة وترشدني للطريق الصواب. بينما تعترف رغدة محمود ـ طالبة بكلية الآداب لغة إنجليزية ـ بأنها لا تستطيع البوح بكل أسرارها لأسرتها، وأنها تفضل البوح بأسرارها لصديقتها الصدوقة سارة وتقول: سارة صديقة عمري، نشأنا معاً منذ الصغر، وأثق فيها وهي أبداً لم تخن هذه الثقة، فهي كاتمة أسراري وأحتاج للحديث معها عن كل شيء يضايقني، أو مشكلة تؤرقني، والحمد لله أن الله لم يخيب ظني؛ لأني دائماً أجد عندها النصح، وأشعر أنها مثل أمي لرجاحة عقلها، رغم أنها في مثل سني تماماً. وتقول دعاء سمير ـ 15 سنة بالمرحلة الثانوية ـ عودتني أمي أنا وأخواتي البنات على أن نبوح لها بكل أسرارنا. فأحياناً نجلس جميعاً نتبادل الأحاديث، وهي تنصت إلينا ونشعر كأنها أختنا الرابعة وليست أمنا التي يفرقنا عنها سنوات طويلة من العمر، وهي أيضاً عّودتنا على أن تحكي لنا وتستشيرنا في أشياء تخصها وتعمل برأينا. لكن عندما يكون عندي سر خاص أو مشكلة مع صديقاتي أطلب منها الحديث معها بمفردها، وأشعر بالراحة والاطمئنان بعد أن أبوح لها وأفرغ ما في صدري من أسرار بين يديها. وبصراحة أشعر بالسعادة حينما يكون هناك حوار خاص بيني وبين أمي. ونظل نتبادل النظرات فيما بيننا بعد ذلك، وأشعر بالتواصل معها. سري في الورق: أما هبة السيد ـ 21 سنة بكلية الخدمة الاجتماعية ـ فلم تجد من تبوح له بأسرارها سوى الورق. تقول: "كنت أمر بأزمة نفسية، وتكاثرت على رأسي الأفكار! ولم أستطع النوم أو التفكير في شيء أخر، وكاد رأسي أن ينفجر من شدة التفكير في هذا الموقف الذي يؤرقني، ولم أجد من أبوح له أو ائتمنه على سري. وفجأة وجدتني أمسك ورقة وقلماً وأشرع في الكتابة عن كل شيء مر بي وضايقني، وما كنت أرغب في قوله وعجزت عنه، وأخذت أسترسل في الكتابة، وشعرت وكأن شخصاً أمامي يسمعني وكتبت كل التفاصيل، وظللت هكذا مدة كبيرة، حتى انتهيت، فنظرت للورق، وشعرت براحة غريبة وسعادة تغمرني وزال عني الضيق، ولم أعد أشعر بوجود المشكلة، فقمت بالتخلص من الورق تماماً، وبعدها شعرت برغبة شديدة في النوم، فخلدت إليه ونمت بعمق. زوجي محل ثقتي: وفضلت هبة محمد مخيمر ـ 24 سنة ـ زوجها ليكون موضع ثقتها ومخزن أسرارها، تقول: "لا أخفي عنه شيئاً، فأنا أصارحه بكل أسراري؛ لأنني وجدت أنه الإنسان الوحيد الذي يعطيني النصح السديد سواء فيما يخص عملي أو يخص حياتي. وأحمد الله كثيراً أن منحني إنساناً بهذه الصفات. كما أنه لن يغار مني أو يحقد علي أو يحسدني مثلما يحدث بين البنات حتى وإن كن صديقات". وتروي نهى محمود تجربة قاسية مرت بها تقول: "كنت أمر بأزمة خاصة داخل بيتي بسبب مشاكل عائلية بين أبي وأمي، وحين شعرت بالضيق الشديد والحزن ولم أعد أحتمل أفشيت لصديقتي المقربة بأسراري التي تؤرقني وخوفي من المستقبل بسبب المشاكل داخل الأسرة وتصورت أنني ارتحت بالبوح لها. ولكن بعد عدة أيام لاحظت همساً بين الصديقات والزملاء في الجامعة ونظرات شفقة، وعلمت بعدها أن سري الذي بحت به لصديقتي أصبح مشاعاً يتناقلنه الزميلات فيما بينهن. وحينها ندمت ندماً شديداً على إفشائي أسرار بيتي لمن اعتبرتها صديقة. فهجرتها ، وتعلمت أن السر إذا خرج من صدري لم يعد سراً. رأي علم الاجتماع: سألنا عن رأي علم الاجتماع في أسرار البنات فقال دكتور على ليلة ـ أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس ـ : "لكل إنسان حياته الخاصة التي تمتلئ بالأسرار. ولا يستطيع البوح بها إلا لشخص يثق فيه. ويرى أن لجوء البنات لكشف أسرارهن لصديقاتهن أو لأحد أقاربهن مرفوض تماماً، وقال: "إن لجوء الفتاة لأحد غير الوالدين يرجع إلى التنشئة الخاطئة للبنت داخل الأسرة من تضييق وحصار خاصة في فترة المراهقة، وشدد على ضرورة وعي الأم بمشكلات ابنتها ومساندتها وإرشادها إلى الطريق الصحيح أن تكون صديقة لها، فتكسب ثقتها؛ لتشعر بالأمان والراحة النفسية معها، وأن تقوم العلاقة بينهما على النصح والتوجيه وليس التأنيب والتوبيخ إذا حدث وأخطأت الفتاة". وقال: "إن أغلب الآباء لا يستمعون لأبنائهم ويتسببون بسوء تصرفاتهم في وقوع عواقب وخيمة للأبناء". وقال أيضا: "إن فترة المراهقة فترة شديدة الحساسية، تكون فيها الفتاة أشد احتياجاً لحنان ورعاية الأم؛ حتى تجد البنت بر الأمان فتبوح بأسرارها لأمها بدلاً من صديقتها أو خطيبها، فالأم وإن كانت قاسية فقسوتها أحن من غدر الأصدقاء، ولكنها يجب أن تكون قدوة بحسن الخلق وعلى وعي بطبيعة تستطيع نصح ابنتها بالصواب وحمايتها من المهالك". ويضيف ناصحاً الفتيات: "إذا لم تجدي الأم لتبوحي لها بأسرارك؛ فيجب أن تحسني اختيار الشخص الذي تلجئين إليه ليسدي لك النصح وأن يكون محل ثقة. وإذا لم تجديه وشعرت بالضيق لكتمان أسرارك، فاكتبيها على ورقة بيضاء لتشعري بالراحة بعد الفضفضة بالكتابة ونصيحة مهمة لا تبوحي بأسرارك لأكثر من شخص واحد؛ لأن السر إذا شاع بين أكثر من اثنين لا يصبح سراً. </TD></TR></TABLE> |